أعلى درجة حرارة في العالم 2022 الان ..ارتفعت درجات الحرارة فوق 40 درجة مئوية، وكالعادة تحطمت الكثير من الأرقام القياسية القديمة. في خارطة مرعبة نشرتها وكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) في 13 يوليو/يوليو، بدا معظم نصف الكرة الأرضية من الشرق وكأنّه يشتعل! (1)

أعلى درجة حرارة في العالم 2022 الان

في أوروبا الغربية، التي كانت تتكبد فعليا من الجفاف الشديد، أشعلت فترة إرتفاع حرارة الجو الحرائق في كل مناطق الجمهورية البرتغالية وإسبانيا وأجزاء من الجمهورية الفرنسية. في البرتغال على وجه التحديد بلغت معدلات الحرارة إلى 45 درجة مئوية في 13 تموز/يوليو في مدينة ليريا

حيث احترق زيادة عن 7400 فدان من الأراضي، وقد كان زيادة عن 1/2 البلاد في ظرف إستعداد قصوى حيث كافح رجال الإخماد 14 حريقا نشطا.

وفي شمال أفريقيا، عانت تونس من موجة حارة وحرائق دمَّرت منتج زراعي الحبوب في البلاد. في 13 تموز/تموز في العاصمة تونس، وصلت درجة الحرارة إلى 48 درجة مئوية، مُضعِّمة بهذا الرقم الغير مسبوق في التاريخ المُسجَّل منذ أربعين عاما. أما في إيران، خسر إستمرت درجات الحرارة مرتفعة في تموز/يوليو بعد أن بلغت إلى 52 درجة مئوية في أواخر يونيو/حزيران.

أما في الصين على الجانب الآخر، تسبَّب الصيف في ثلاث موجات حرارية أدَّت إلى اعوجاج الأساليب وذوبان القطران. سجَّل مرصد شنغهاي كسوجياهوي أعلى درجة حرارة له كليا وهي 40.9 درجة مئوية في 13 يوليو/يوليو 2022.
موجة حارة

الموجة الحارة (Heat Wave)، بتعريفها، لا تُشير إلى درجة حرارة معينة، وإنما تعني ارتفاعا مفاجئا في درجات الحرارة عن مستوياتها في مقر ما بفارق حاد، من الممكن أن تكون 35 مئوية بالنسبة لمكان ما هي المعدل الطبيعي، إلا أن أن تبلغ الحرارة في دولة ألمانيا إلى 38 مئوية، وبولندا إلى الرقم ذاته إلى حد ما

وأن تجتاز في إسبانيا حاجز أربعين مئوية، فإن ذاك يُعَدُّ ارتفاعا ضخما عن المستويات المعتادة، لدرجة تؤدي عادة إلى سقوط أعداد من القتلى(3) بسبب الإجهاد الحراري تراوح عددهم على سبيل المثال بين ثلاثين-خمسين ألف فرد خلال فترة إرتفاع حرارة الجو الشديدة التي ضربت أوروبا خلال عام 2003، وكلَّفت الاتحاد الأوروبي قرابة 13 مليار دولار من الدمار.

قد تتعجب من تلك الأرقام، بل ما لا يعرفه الكثيرون أن الموجات الحارة هي واحدة من أهم لوازم القتل رعبا في الدنيا المعاصر، بالتأكيد لا من الممكن أن يجتاز عصري عنها إلا ونتذكر الموجة الحارة الكبيرة جدا التي ضربت روسيا(4) عام 2010 وتسبَّبت في مقتل صوب ستين ألف واحد، أما خلال شهرَيْ إبريل/نيسان ومايو/أيار سنة 2015

فقد اجتاحت موجة5 شديدة السخونة أرض الهند وقتلت 1700 فرد، لم تجتاز أيام عددها قليل حتى ضربت موجة أخرى باكستان في يونيو/حزيران الآتي وقتلت 1300 شخص في كراتشي بشكل رئيسي، ثم توغلت بعد ذاك في البلاد لتقتل 770 شخصا في أنحاء أخرى من البلاد.

ما الذي يصدر على الكرة الأرضية؟ لا بد أن ذلك السؤال يلح عليك من حين إلى أجدد كلما استمتعت إلى حدث له رابطة باحتباس الغازات الدفيئة، بل ربما أيضاً تقول لنفسك إن الموضوع يتعلق لاغير بمنصات السوشيال ميديا وانتشارها، وذلك قضى معتاد بل الأخبار لم تبدو عنه إلا الآن.

ذلك ليس صحيحا، تلقت أوروبا أعتى (5) هجمات من الموجات الحارة فقط في الأعوام العشرين (6) الماضية، بالضبط في سنين (2018، 2010، 2003، 2016، 2002).

في العالم الحقيقي، قد تتفاجأ أن السنوات العشر الأكثر حرارة في تاريخ قياساتنا لدرجة السخونة كانت كلها في الأعوام العشرين الأخيرة، أما عام 2019، فقد شهد كسر بعض الأرقام القياسية العصرية طوال الموجة التي ضربت العالم أثناء يناير/كانون الثاني(7)، بحيث كان الفارق في درجات الحرارة في مدينتين في شمال وجنوب العالم هو 100 درجة مئوية!

لِمَ يأتي ذلك ذاك؟ حسنا، إنها الإجابة الوحيدة التي يعرفها الجميع، وتتحدث عنها الوكالات المخصصة يومياً تقريبا، غير أن لا يتفق فوقها أحد في أروقة المباني الرسمية (غير فقط 97% من أعضاء الوسط العلمي الخاص بدراسة الموضوع(8))، إنه التغير المناخي الذي يتسبَّب فيه نشاط الإنسان المعاصر

بل في هذه النقطة من المحتمل قد تتساءل عن علاقة التبدل المناخي بالموجات الحارة، ستقول مثلا إن موجة حارة كتلك كان الفارق فيها عن المستويات هو صوب 20 درجة، في حين نعرف أن الاحترار العالمي يرفع متوسطات درجات الحرارة بدرجة أو درجة ونصف فقط، فمن أين تأتي بقية الدرجات؟

في الحقيقة، فإن ذلك هو أحد أسوأ الأخطاء في الفهم التي يتبادلها الناس عن التحول المناخي، لأن الظروف البيئية -بيسر- هو نظام متعقدة، لاستيعاب ذلك دعنا نظن أننا صمَّمنا مجموعة من الأجراس الإلكترونية بحيث تُطلق صافرة ما إن تسمع أي صوت على مسافة 5 أمتار منها

ثم قمنا بتغطية قطعة أرض كبيرة جدا بـ10 آلاف جرس، كلٌّ منها على مسافة 5 أمتار من الآخر في كل الاتجاهات، ثم قمنا بلطم جرس شخص فحسب، هنا سيؤثر ذلك الجرس في كل الأجراس المُحيطة به، ثم ينتشر التأثير ويتوسع ليشمل كل الأجراس.

تعتمد المنظومات المتعقدة بقوة على تغييرات متواضعة في الأوضاع المُحيطة، هذا هو ما نعرفه جميعا باسم “تأثير الفراشة”، الذي يقول، في صورته الأدبية، إن حدثا صغيرا كرفرفة جناح فراشة في الصين قد يتسبَّب في إعصار بأميركا، والقصد هنا هو أن هذه الأحداث الضئيلة تنمو وتتراكم شيئا فشيئا لتؤثر في كل شيء بمحيطها ما يعطيها دفعة أكبر للنمو، وهكذا يتواصل النمو حتى يصبح تأثيرها كارثيا.

تتبع المنظومات المناخية ذاك النسق عادة، كل نقطة فيها تتعلق بأخرى، ووقتما ترتقي متوسطات درجات الحرارة، ولو بقدر سلس، تصبح ثمة فرصة أكبر لظهور الحالات المناخية الشاذة والمتطرفة، ونعني هنا أشياء مثل الموجات الحارة، والموجات الباردة، والعواصف الرملية، والأعاصير المهلكة والقاتلة

لإدراك تلك النقطة من الممكن أن نتأمل دراسة أخيرة، صدرت قبل شهر شخص لاغير من جامعة برينستون(9)، تُشير على أن الموجات الحارة المركبة، أي تلك التي تجيء بأسلوب مزدوج (موجة حارة تتبعها أخرى)، تتصاعد معدلاتها ودرجات قسوتها بصعود ارتفاع متوسطات معدلات الحرارة الدولية.

لهيب لا ينقطع

نوهت الدراسة، عبر محاكاة حاسوبية، إلى تطور التحول المناخي للأرض، مؤكِّدة أن ذلك سيضع حتما حملا زائدا على وحدات الظروف الحرجة وتقديم الخدمات الطبية في العموم، كما أن أحجام استهلاك الطاقة سوف تتزايد بمعدلات خرافية، في الحقيقة فإن واحد من أشهر الأمثلة هو مبالغة درجات الحرارة في إيران(عشرة)

أثناء صيف 2018، إذ سجَّلت قليل من الأنحاء بها ما يقارب 53 درجة مئوية، ما أثَّر ذلك في الحال على استهلاك المياه والكهرباء بالبلاد، وأدى في الخاتمة إلى انقطاعهما لفترات متفاوتة، إذ يسحب زيادة درجات الحرارة من الكهرباء ما يقابل 150-200 ميجا وات نظير كل درجة حرارة زائدة، وكانت إيران قد سجلت في 2 تموز/يوليو 2018 سحبا للطاقة الكهربائية ثمنه 56672 ميجا وات، وهو رقم تاريخي!

في سياق متصل، ربطت دراسة مهمة في هذا النطاق نُشرت قبل باتجاه ثلاثة سنين في جريدة(11) “ساينز أدفانسز” (Science Advances)، بين الارتفاع المتعجل بمعدل نصف درجة مئوية في معتدل درجات الحرارة بالهند في الفترة بين 1960-2009 وازدياد كميات ضرب الموجات الحارة لها بمعدل خمسين% في عدد محدود من المناطق، بذاك ازدادت احتمالات حدوث حالات الموت المرتبطة بالموجات الحارة لتصل إلى 146%، ودخلت دول كالهند وباكستان في محيط يُسمَّى “موجات الحر القاتلة”، ويعني مبالغة حالات الهلاك بسبب الموجة الحارة عن 100 واحد.

كان فرقة رياضية بحثي من جامعة كاليفورنيا قد توصل إلى النتائج ذاتها في دراسة أخيرة، مُشيرا إلى أن الموجات الحارة قد ازدادت بمقدار خمسين% طوال العقود القليلة السابقة، لكن الأكثر إثارة للانتباه في تلك الدراسة(12)، التي غطَّت زيادة عن 200 بلدة يزيد عدد سكان كلٍّ منها على ربع مليون معقل، هو استنتاج غرض في الضرورة يقول إن المدن أكثر تأثرا بالموجات الحارة من القرى، لأن طبيعة المدن تحرم السخونة من الهروب بسهولة، كل شيء يسخن ثم يهدأ، لكن الجدران الحجرية والمناطق المقفولة والضيقة والمباني تحجب ذاك من الحدوث ببساطة في وضعية المدن الكبرى.