يطرح كتاب «تجارة ضد القانون – كيف يسيطر المهربون، والتجار غير الشرعيين، والمقلدون على الاستثمار الدولي» (تأليف وإصدار «معهد أبحاث الأمان» في مكتبة الإسكندرية) موضوع التشريعية، وبالأحرى انعدامها، كبعد لازم في التداول التجاري في إطار متاجر العولمة. ويتيح فيه المؤلف موسى نعيم مشاهدته عن تلك القضية المعقدة والمتشابكة الأبعاد في ثلاثة عشر فصلاً.

يباشر نعيم مشاهدته بتعريف التجارة غير المشروعة بأنها هذه التي تجتاز القوانين والنظم والتراخيص والضرائب وتدابير تحضير التجارة وتوفير حماية المستخدم وصعود العوائد والمبادئ والمواثيق الأخلاقية. وتشتمل على نشاطات الشراء والبيع المحظورة دولياً، إضافة إلى ذلك الإجراءات التي تحرمها قليل من البلاد والمدن في حين تبيحها أخرى.

 

ويبرهن أن وجود مكان رمادية واسعة بين الممارسات القانونية وغير القانونية، يستغلها البيزنيس من المحظورة لمصلحتهم. ويعزو الكاتب مبالغة شبكات الجناية الدولية إلى حركة العولمة وديناميكيتها، وهو الذي سماه «نيرفانا المهربين»، وما يكون على ارتباط بها من انكماش دور البلد في النشاط الاستثماري، وانهدام الأطراف الحدودية الاستثمارية. فالعالم المتصل فتح آفاقاً عصرية براقة للتجارة غير المشروعة. وما يحصل عليه هؤلاء أصحاب المتاجر غير الشرعيين وشركاؤهم لا يتحدد ويتوقف على الملكية ليس إلا وإنما يطول كذلكً الى السلطة والقوة السياسية، ما يخلخل بقاع الحياة السياسية والاقتصادية في عدد كبير من الدول. ويستطرد بالقول أن تقدم الشبكات التجارية غير التشريعية أفضى إلى تقدم ظاهرة التطرف المسلح، ووعيد الأمن في الدنيا، ملفتا النظر إلى دور التجارة غير التشريعية والتحويلات المادية وإجراءات غسيل الاموال في دفع نفقات الإجراءات الإرهابية.

ثم يأكل المؤلف في ستة فصول متواصلة ميادين متنوعة للتجارة غير المشروعة، مفرداً فصلاً لجميع منها، وهي الأسلحة والمواد المخدرة وتجارة الإنس ووجهات نظر المسروقة وغسيل الثروات، إضافة الى ما يُسمى بـ «الميادين الثانوية» والتي تتضمن الإتجار بالأعضاء الآدمية والأصناف المُهدّدة بالانقراض والنفايات وغيرها.

يصف المؤلف تجارة الاسلحة بالعمل المبني على علل اقتصادية ربحية أكثر من الدوافع السياسية. ويشير حتّى كلا الشقين التقني والتجاري يمكنهما المساهمة في شرح تلك الظاهرة. إذ صار من الأسهل نسبياً تأسيس المصانع في الأنحاء التي تتدنى فيها أسعار الأيدي العاملة والتي يمكن نقل المعرفة الضرورية إليها، بفضل التغيّر في تقنيات تصنيع الأسلحة الضئيلة في العقود الأخيرة. وبكثرةً ما تقوم المنظمات الثورية والإجرامية بصنع قسم من أسلحتها على أقل ما فيها. ثم يتطرق المؤلف إلى مجموعة من شبكات تجارة الأسلحة في الكوكب، وبخاصةً تجارة الأسلحة النووية، والتي تمارس بعضاً منها أفراد معروفة مثل عالم الفيزياء النووية الباكستاني عبدالقادر خان «ذو العبوة الناسفة الذرية الإسلامية»، إضافة إلى ذلك الروسيين ليونيد مينين وفيكتور بوت وغيرهما. وفي العادة، يشترك الموظفون الحكوميون، والأحزاب العسكرية، والجماعات الثورية، والمؤسسات التشريعية، والمنظمات الإجرامية، بأساليب متشابكة، في تجارة الأسلحة.

ويشير في ذلك النسق إلى مفهوم «المجتمع المواطن المسلح»، إذ يؤدي التسرب المطرد للأسلحة المخفوضة الثمن، بواسطة سلسلة الإمداد الدولية الاقتصادية المتجاوبة، إلى التقليل من مقدرة الدول على التحكم والهيمنة، ومن ثم يُخسر الجمهورية مكوّناً أساسياً فيها متمثل في احتكارها للعنف في المجمتع.

ويُعَرّج المؤلف على التجارة الدولية بالأفكار المسروقة، ما يجعله على تماس مباشر مع مُعضلة المال الفكرية التي تعد من الأمور الاساسية للنقاش في تصنيع المعلوماتية ومجتمعاتها. ويرى ان قوانين الثروة الفكرية توميء إلى حق الاستعمال أو الانتفاع من كل ما يمكن اعتباره منظور أصلية. وهنالك ثلاث لوازم مستخدمة لتحديد الثروة الفكرية، هي الإشارات التجارية trademarks، وبراءات الاختراع patents، وحقوق النشر والتأليف copyrights. ولا تتشابه القوانين والإجراءات المرتبطة بجميع منها من بلد إلى أجدد، وينطبق التباين ايضاًًً على أساليب تنفيذ قوانين المال الفكرية.

ويشير المؤلف حتّى سريان تلك البضائع المزيفة إلى مكان البيع والشراء إنما يُعبر عن رد فعل مكان البيع والشراء لقوة أعظم، والتي هي رغبة المستعمل العنيفة في الاستحواذ على البضائع المعروفة التي صبر إشارات ذات مواصفات متميزة. ويؤكد أن الكثيرين، خصوصا في دول العالم الثالث، لا يبدون امتعاض أو انزعاجاً من انتشار السلع المقلدة، حتى ولو كانت لا تعمل بالكفاءة ذاتها. ويعود ذاك إلى حاجز ما حتّى خياراتهم مقيدة. ويشير المؤلف حتّى شبكات التقليد والتزييف تطول عبر دول عديدة، وتشتمل على بضائع عدّة، مثلما تتصف باللامركزية، وتتداخل مع أنواع أُخرى من التجارة غير المشروعة، والجريمة المنظمة، والشبكات الإرهابية. ويحتسب ان الموقعة المرتبطة بالملكية الفكرية صارت صراعاً اقتصادياً دولياً. وفي مختلف الأوضاع، فإن القوانين المحلية تلعب دوراً محدوداً في اجتماع تلك التجارة التي تقفز عبر الأطراف الحدودية بجميع بساطة.

ويدرس المؤلف مسائل من صنف حركة الثروات المتعجلة وغسيل الممتلكات، وتوفير نفقات الجهات الإرهابية، والتهرب من الرسوم، وانتشار نشاطات الغش تقوم في ظل الاقتصاد الغربي المباشر، والاستثمار في المحافظ الورقية، والتحويلات النقدية التي يجريها المهاجرون، والتعاملات التي تحدث باستعمال بطاقات الائتمان، والتجارة الإلكترونية، وغيرها.

ويتطرق الى التجارة غير المشروعة في ما يُشار اليه باصطلاح «الميادين الثانوية»، التي تتضمن أشياء مثل المستخدمين الإنسانية، والأنماط الحيّة المُهَدَّدَة بالاقراض، والنفايات (بما فيها الزبالة النووية)، والأعمال الفنية المسروقة وغيرها. وفي منظور المؤلف، فإن هنالك ارتباطاً كبيراً بين التفاوتات الاستثمارية التي يشهدها العالم وانتشار هذه الأشكال من التجارة غير المشروعة. فمثلاً، أن عوز الدول الغنية الى نشاطات الزرع هي العلة خلف التجارة الاعضاء العالمية. مثلما أن العفش، والملابس والاكسسوارات المترفة هي المحرك لتجارة الفصائل المهددة بالانقراض. فيما أن أصحاب المتاجر المثاليين للأعمال الفنية المسروقة والآثار المنهوبة، هم أغنياء العالم. وبالاختصار، فان التجارة غير المشروعة تجد جذرها في التفاوتات العميقة، في الاستثمار والسياسة والمجمتع، التي تضيف عليها العولمة حاجزّة وتنشرها دائما.

يتم المؤلف كتابه بإبداء مشاهدته عن مستقبل العالم في وجود أخطار التجارة غير المشروعة وعصر العولمة، وزمن ما في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001. ويرى أن السياسة العالمية تغيرت بإجراء التجارة غير المشروعة الكاسحة، ما أفضى إلى خلق طراز حديث من المشاحنة الدولي.