متى يكون “الطلاق” واجباً، محرماً، مباحاً، منودباً …. الحمدلله لله رب العالمين، والتضرع والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا دراية لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علَّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق فعلاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
بالفيديو | متى يكون “الطلاق” واجباً، محرماً، مباحاً، منودباً
فسخ العلاقة الزوجية :
أيها الأخوة الأكارم… تعودتم أن يطرح في ذاك الدرس موضوعات نحن جميعاً في أمسِّ الحاجة إليها، والحقيقة كيف أعرف أنا الأمور التي أنتم في أمس الاحتياج إليها؟ هناك طريقةٌ تعرف بها هذه الموضوعات، عددُ الأشقاء الأكارم الذين يسألونني في موضوعٍ واحد، فكل عشرة أخوة كرام يطرحون عليّ أسئلةً فقهيةً، نصفهم أو أكثر في نص فسخ العلاقة الزوجية، لأن كل إنسانٍ لا بد له من قرينة، ولا بد في الرابطة الزوجية من مشادات أحياناً، فحينما يتصرَّف الزوج في تلك الصراع، تصرفاً ينقله إلى دائرة فسخ العلاقة الزوجية، عندئذٍ تقع المشكلة الجسيمة التي لا حل لها.
والشيء المؤسف أن إخوةً كرام من طلبة العلم القانوني، من روَّاد المساجد، في موقف في غضبهم يطلِّقون، فإذا طلقوا صاروا تحت رحمة المفتين، وتحت رحمة من يسألونهم، فتارةً يسألونهم، وتارةً يصدقونهم، وتارةً يشككون في فتاويهم، على كلٍّ ذاك الذي يطلِّق بلا عواملٍ هامةٍ، دخل بداخل منطقة الشك، وحالة الشك ظرفٌ عصيبةٌ للغايةً، ذاك الكلام لمن؟ أولاً للمتزوجين، لمن حدث في مثل تلك الحالات علاجاً، ولمن لم يقع وقايةً، ولمن لم يتزوج تعليماً، الأخ الشاب الذي لم يتزوج ذاك تعليم له، والذي تزوج وقاية، والذي وقع هذا دواء.
فسخ العلاقة الزوجية من أدق الموضوعات التي نحن في أمس الحاجة إلى معرفتها :
الشيء الثابت أن عدد الذين يطرحون عليّ أسئلةً في نص الطلاق كثيرون جداً بدون شك، وعدد الذين يطرحون عليّ سؤال الطلاق من بين رواد العلم، وطلاَّب العلم أيضاً كثيرون، معنى ذلك ذلك مقياسٌ أدري به أن موضوع الطلاق من أدق الموضوعات التي نحن في أمس الاحتياج إلى معرفتها.
إضافةً إلى أن الإنسان في بعض الأحيانً حينما يأمل إلى دقائق الشرع، لو لم يكن محتاجاً لهذا الحكم، إن دقائق الشرع وحدها وفي حدّ نفسها يمكن أن تكون طريقاً له للوقوف على الله عزَّ وجل فأحكام الشرع لها وظيفتان؛ شغلٌ تطبيقية، ووظيفةٌ تعريفية، فأحكام الشرع تعرفنا بربنا، وأحكام الشرع تفيدنا في حياتنا.
من بديهيات الموضوعات أنه وقتما يصل الإنسان إلى شيءٍ ثمين، ثمة مهمةٌ لا تقل خطورةً عن مهمة الوصول إليه، أنا حينما منبع إلى منصب، على أن وصلت بذلت جهداً كثيراً لكن بعدما منبع ثمة تعبٌ من فئةٍ آخر، ما هو ذلك المجهود؟ الحفاظ فوقه، أنا حينما أنتصر في الحرب، بذلت جهداً بكثرةً، إلا أن كلما أنتصر ثمة عبءٌ أجدد، أن أحافظ على ذلك النصر، قياساً على ذلك، أنا متى ما أسعى، وشدد، وأتعب لِكَي منشأ إلى زوجة، والزوجة من نعم الله على الإنسان في الدنيا.
(( إِنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ))
[ النسائي عن عمرو بن العاص ]
فالزوجة نعمة، فمن الكفر بالنعمة عدم المحافظة فوقها، ومن عدم المحافظة أعلاها أن يوقع الإنسان يمين فسخ العلاقة الزوجية لسببٍ وجيه أو لغير وجيه، ذلك الذي يطلق لأتفه العوامل، ذاك يكفر بنعمة الله عليه، كانت حلالاً له فأصبحت حراماً أعلاه، كانت حلالاً له وهو مطمئن فأصبحت حلالاً وهو متشكك، ذلك وجهة نظر فلان، بل فلان أفاد لي: طلقت.
فأنا لا أرى أقسى عذاباً من إنسان تورَّط في يمين طلاق، وصار موزعاً مشتتاً بين المفتين، المتشددون طلقت لحظياً مع السلامة، لا تغلِّب نفسك، والمتساهلون، يا أخي من أين جاؤوا بهذا المذهب؟ إذا تساهل العلماء برفقته يشك في فتواهم، وإذا تشددوا يضيق منهم، والله شيء يحير، أليس من الأولى أن تبتعد عن تلك المكان جميعها؟! أليس من الأولى أن تعيش أملس البال؟! أليس من الأولى أن تعالج قضايا الزوجية في أية كيفيةٍ سوى نص الطلاق !.
إذاً نحن في أمس الحاجة لذلك الموضوع، أنا كلما رأيت أخاً راجح الذهن، شاهدته يبتعد عن نص الطلاق، يبتعد عن أن يعالج امرأته بطريقة الطلاق، هنالك آلاف المعالجات؛ لك أن تعظ، لك أن تبيِّن، لك أن تهجر، لك أن تُعَنِّف، لك أن تتغافل، لك أن تُكْرم، لك أن تعرض، استخدم أي طريق سوى سبيل الطلاق، لأن ذاك الطريق نتائجه ليست في صالحك وليست مريحةٌ.
الزواج تم عقدهٌ مقدس من أجهزة قدسيته المحافظة فوق منه :
فسخ العلاقة الزوجية أيها الأشقاء… مأخوذٌ من الإطلاق، أطلق صراحه، الطلاق مأخوذٌ من الإطلاق، وهو الإرسال والترك، معناها المرأة مقيدةٌ بك، محبوسةٌ من أجلك، مرتبطةٌ بك، فإذا طلَّقتها ولقد أرسلتها، وتركتها، تقول: أطلقت الأسير، إذا حللت قيده وأرسلته، وفي الشرع حلُّ صلة الزواج، وإنهاء الرابطة الزوجية، أنا لا أبالغ كلما أقول إن أقدس عقدٍ في الحياة الآدمية هو عقد الزواج، وليس ذاك من عندي، إلا أن ذلك من كتاب الله الخاتم، فالله جلَّ جلاله يقول في سورة السيدات في الآية الواحدة والعشرين:
﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً ﴾
[ سورة النساء : 21]
ذلك الميثاق الكث هو قسيمة الزواج، ميثاق غليظ، ولقد أفضى بعضكم إلى عدد محدود من،يشاهد الزوج من زوجته ما لا يمكنه واحد منٌ على وجه الأرض أن يراه منها، وترى منه ما لا يمكنها امرأةٌ على وجه الأرض أن تتفرج عليه منه.
﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً ﴾
[ سورة النساء : 21]
هذا تم عقدهٌ مقدس، ومن أدوات قدسيته المحافظة أعلاه، ومن أجهزة قدسيته أنه يقتضي أن يكون على التأبيد، لا يصحُّ قسيمة الزواج إلا لو كان على التأبيد، ذاك فكرة الإمام الأوزاعي: ” إن لم يكن عقد الزواج على التأبيد فهو باطل”
زواج، وإنجاب أبناء، شريكة حياة، تربية أولاد، مستقبل أبناء، أنت حالا سوف تكون سبباً لإنجاب مخلوق من بني البشر، إنسان أكرم مخلوقٍ على الله، فإذا لم تحسن اختيار الزوجة، وأنجبت مولوداً ثم طلَّقت والدته، فضاع بين أمه وأبيه، ضاع بين والدته المطلَّقة وأبيه المبغض، فشوهت شخصيته، وحطمت رتبته، وشعر بالضياع، فأنت الدافع.
فقد سألني أمس شقيق وقد كان مضمون السؤال: أن لديه زوجة وهي جيدة بشكل كبيرً، لكنها لا تداول ابنته التي من غيرها مثلما تداول الأم ابنتها، قلت له: ذلك هو الشيء الطبيعي، ذلك الذي تفعلّه زوجتك مع ابنتك التي من غيرها شيء طبيعي، ليست بِنتها، قلت له في حين أذكر: هذه هي واحد من سلبيات الطلاق، متى ما تطلِّق فهذه البنت الوديعة سوف تقيم مع امرأةٍ ليست أمها، كلُّ العواطف كلُّ المحبة ليست متواجدة عند تلك المرأة.
كلّ تم عقده زواجٍ لا يُلمح فيه التأبيد هو إتفاق مكتوبٌ باطل :
لذا إن لم يكن قسيمة الزواج على التأبيد، فهو عند الإمام الأوزاعي تم عقدهٌ باطل على التأبيد، لك أن تطلق ولكن بعد أن بدا لك شيءٌ حديث، أما كلما تعقد عقد الزواج، إن أردت أن تعقد هذا العقد وفي نيتك أن تطلق، فلن تنجو من بأس الله، بل تنجو من الإنس، العلامات كلّها صحيحة، ماذا يفعل القاضي معك؟ جئت القاضي وقلت: تزوجت فلانة، وقبلت وهي قبلت بك زوجاً، فتوافر الإيجاب والقبول ووليٌ وشاهدا عدلٍ، هذه هي زوايا قسيمة الزواج أما من الذي يتطلع على قلب الإنسان؟ الله جلَّ جلاله، لهذا الفقهاء يحكمون على ذلك العقد بأنه صحيح، ولو أنك تنتوي الموعد، ذلك لا يعلمه الفقهاء، ولا يعلمه القاضي الشرعي، غير أن الله يعلمه، الله وحده يعرف ما إذا كنت ناوياً التأبيد أم ناوياً التوقيت.
على كلٍّ أنا أميل إلى رأي الإمام الأوزاعي رحمه الله سبحانه وتعالى، في أن كلَّ عقد زواجٍ لا يُلمح فيه التأبيد فهو إتفاق مكتوبٌ باطل، لماذا؟ لأنه أقدس إتفاق مكتوبٍ في الحياة الإنسانية، تم عقده اقتران رجل بإمرأة لإنجاب أولاد، من يربيهم؟ من يعنى بهم؟ من يهتم بشؤونهم؟
تلك القرينة تتخطى بأطوار، في الطور الأول مقبولة جداً ومرغوبة جداً، أما ثمة طور آخر كما صرحت تلك المرأة التي اشتكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كانت قد اشتكت إلى الله، وقد سمع الله شكواها من فوق سبع سموات، اشتكت وقالت: ” إن زوجي تزوجني وأنا شابة ذات أهلٍ ومال، فلما كبرت سني، ونثر بطني، وتفرَّق أهلي، وذهب مالي، صرح: أنت عليَّ كظهر والدتي، ولي منه أولاد، إن تركتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إليَّ جاعوا”
فبكى النبي صلى الله عليه وسلم، تلك وهي شابة مرغوب فيها، بعد أن استمتعت بشبابها تطلّقها وقد زوى جمالها، الآن صارت أم أبناء، أصبح لها مرتبة أخرى في الأسرة؛ مكانة الموجهة، مرتبة المرأة الحكيمة، المرأة الحصيفة، توجِّه بناتها، تهديهم، ترعاهم، فلذلك أنا وقفت هذه الوقفة لأبين لكم أن قسيمة الزواج يلزم أن يكون على التأبيد.
أيّ سلوكٍ يباعد بين الزوجين سلوك محرم :
الآن أي سلوكٍ من وضْعه أن يفصم هذه العلاقة، أو أن يباعد بين الزوجين، أو أن يفرِّق بينهما، أو أن يلقي بينهما العداوة والبغضاء، أي سلوك، هذا سلوك محرم في الإسلام، ما الدليل ؟ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ ))
[رواه أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ]
معنى خبب أي أفسد، ولذا الحديث وحده أيها الأشقاء من الممكن أن تنعقد أعلاه مجلدات، آلاف المفردات، آلاف التعليقات، آلاف المواقف، يمكن أن تفسد الرابطة بين الزوج وزوجته، وأنتم لا يخفى عليكم ذاك.
أي إذا تحدثت لها إنسانة خبيثة شيطانة: والله يليق فيك إنسان أجود من ذاك، ماذا قلنا؟ تلك الزوجة كانت غافلة، والله أنا مرغوبة، وذلك الذي أنا تزوجته غير راكز، أمسى في إعراض، أو يقول أحد للزوج ولتكن أمه أحياناً اتركها وسنخطب لك أجمل منها.
أي سلوكٍ يفعله رجلٌ أو امرأة من وضْعه أن يفسد قرينةً على زوجها أو زوجاً على زوجته، ذلك سلوك يبغضه الله عزَّ وجل، فانتبه إلى عدد كبير من الكلمات والتعليقات، المنزل ضئيل يليق بك إنسان أحسن منه، يليق بك إنسانة أسمى منها، أي تعليقٍ شيطاني ذاك الذي يقول هذا الخطاب شيطانٌ ناطق، إبليس لعين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
(( ليس منا من فرَّق))
[الجامع الصغير]
المؤمن دائماً يوفِّق، المؤمن على مستوى أخواته المتزوجات باستمرارً يمتِّن علاقتهن بأزواجهم، عن طريق ترغيب أخته بزوجها، يمتن صلة قرين بزوجته بواسطة ترغيبه بزوجته، النبي عليه الصلاة والسلام كان يحسِّن الحسن ويقبح القبيح، فالإنسان إذا زار ابنته، أو زار أخته، أو زار امرأة من محارمه، قبل أن يتكلّم ويعلِّق يعد للمليون، لأن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقي لها بالاً، يهوي بها في جهنم 70 خريفاً، كان هناك مودة بينهما، كان هناك وئام، كان ثمة مرح، كان هناك تقدير ومراعاة متبادل، كان هنالك رضا باليسير، كان ثمة عش إسلامي كله سعادة، فلما جاءت تلك المرأة الخبيثة الشيطانة فألقت في أُذن هذه المرأة كلاماً حزنتها على حالتها، فلما جاء قرينها نفرت منه، فلما نفرت منه نفر منها، تلاسنا تصايحا، تشاتما، حلف يمين طلاق، ذلك درس اليوم، ساعة غضب شيطاني حلف بالطلاق لأن قسيمة الزواج أقدس تم عقدهٍ في الحياة الإسلامية، لأن قسيمة الزواج هو العقد الكثيف المُقدس، لهذا أية محاولةٍ لفصم تلك الرابطة، أية تجربةٍ لإضعاف هذه العلاقة، أية تجربةٍ لتحريك تلك الصلة تحريكاً سلبياً، ذاك التصرُّف مُمنعٌ في الشرع الإسلامي.
الطلاق صمام سلم للعلاقة الزوجية :
لذا ليس في الطلاق سوى ذلك الحديث:
(( أَبْغَضُ الْحَلالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الطَّلاقُ ))
[ أبو داود عن ابن عمر]
أي طنجرة بُخار فيها صمَّام سلام لئلا تنفجر، نستخدم ذلك الصمام لحالات نادرة لئلا تنفجر، لئلا تنفجر فتحرق من في البيت نستخدم هذا الصمام الذي هو الطلاق، أي كلما تغدو رابطة الرجل بامرأته رابطةً مستحيلة، رابطةً سيئة، كلما تغدو الحياة بينهما حياةً شقية، متى ما لا يستطيع كلٌ منهما أن يقطن مع الآخر، حينما نخاف على الزوجين أن يفسدا، متى ما نخشى عليهما الزنا، كلما نخشى عليهم التحوُّل عن طريق الإيمان، عندئذٍ يأتي فسخ العلاقة الزوجية كصمام إطمئنان لتلك الصلة الزوجية، لهذا كلما دعوة النبي صلى الله عليه وسلم من امرأةٍ أن انكماش قرينها، صرحت له: “يا رسول الله إني أكره الكفر عقب الإيمان، فلما صرحت له ذاك أفاد: إذاً طلّقها تطليقة وردي له الحديقة”.
تلك هي المخالعة، مادمت لا تستطيعين أن تعيشي معه، والحياة لا تطاق، حياة مستحيلة، حياة متفجِّرة، يومياً مشكلة، تنافر في الطباع بالغ والوفاق مستحيل، عندئذٍ يجيء الطلاق كصمَّام طمأنينة، يأتي الطلاق كحلٍ لا بدَّ منه، لكن ذلك الحل أبغض الحلول إلى الله.
الصلح بين الزوجين :
لذا كلما ذكر الله عزَّ وجل مقال الصلح بين الزوجين قال:
﴿ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾
[ سورة النساء: 128]
وعندما ذكر الله عزَّ وجل أن ابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها صرح:
﴿ إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً ﴾
[سورة النساء: 35 ]
أي أن التوجه في نص التحكيم في الزواج إتجه صوب المصالحة، لهذا من أفضل الإجراءات أن يمكنك الله عزَّ وجل من أن توفِّق بين زوجين، من أن تصلح بين زوجين، أنا أقول الكلام لمن؟ للشباب أو الرجال الذين لهم أخوات متزواجات.
مرة شكا لي شقيق فقال لي: كنت أشكو همي لأخ زوجتي، أتكلم له عن طباعها وعن تقصيرها، فقال لي: طلقها، فهذا سكت دهراً ونطق كفراً.. سكت، وسكتْ وسكت وصرح له: طلقها وارتح منها، فهل ذلك هو الحل؟
فكل واحد له أخوات بنات، ومن الأفعال الجليلة – أنا أقول كلاماً دقيقاً للغايةً – من الأعمال الجليلة أن يتفقد أخواته الإناث، فإن كان هناك مشكلة بينها وبين قرينها يصلح بينهما، هو المؤهَّل، فهذه أخته وهذا صهره، هو المؤهل أن يصلح بينهما، فهذا الوضعية: ما ذلك العي؟ لا أريد وجعاً لرأسي، هذا ظرف المنافقين، ذاك حالة أهل الدنيا، أما المؤمن فيسعى للإصلاح بين الزوجين، ولا سيما لو كانت الزوجة أخته، من باب أولى، فكل إنسان عنده أخوات متزوجات، لماذا الزيارة؟ زرها من حين إلى آخر، تفقد أحوالها اسألها عن زوجها، عن علاقتهم، إن شاء الله تكوني مسرورة وهناك وفاق و مودة؟
ذكر لي شقيق حكاية لا أنساها له، قال لي: مرة دخلت على أختي فوجدت خصومة بينها وبين زوجها، والخصومة على مبلغ ثلاثمئة ليرة بالشهر والقصة قديمة، فقام ذلك الأخ بالتبرع بالمبلغ، فهي تود مبلغاً من راتبه للكسوة، وهو ليس معه، ودخله لا يكفي للطعام، هي تود مبلغاً وهو رفض، ويظهر أنهم تصايحا وتلاسنا بوقت دخول هذا الأخ، فأراد حسماً لهذه الإشكالية، أفاد لها: يا أختي ذاك المبلغ خذيه مني، فانتهت الإشكالية، قال لي: والله في كل شهر أطرق الباب وأعطها ثلاثمئة ليرة، يقول لي: بالشهر السادس، أمرته شقيقته أن يلقي عليهم درساً، فوق منها وعلى أخواتها وعلى بناتها، فصار مجلس معرفة، فحضَّر لهم آية قرآنية يفسرها، وحديثاً شريفاً، وحكماً فقهياً، وقراءة قرآن، وحفظ قرآن، فالأخوات تحجبن، بناتهن ايضاً تحجبن، وتحدث لي: الله أكرمني وزوَّجت عدة فتيات من بنات أخواتي لأصهار مؤمنين، فكان هذا المبلغ الذي حلَّ به إشكالية في المنزل سبباً للهدى، وأصبح توجه أسرتين أو ثلاث توجهاً دينياً، والله أكرمهم بأزواج مؤمنين، فأنا ذلك الكلام أقوله لأنه لا يبقى إنسان ليس يملك أخوات متزوجات، أما كلمة ليس لي دخل، هذا بيان شيطان، فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس من ضمنهم، هناك قول: “من مشى بتزويج رجلٍ بامرأةٍ، كان له بكل كلمةٍ قالها وبكل خطوةٍ خطاها عبادة سنةٍ نهض ليلها وصام نهارها ”
وهنالك قول أجدد: “امش بجنازة ولا تسير بزواجة”
أيهما أصح؟ أن يقول الإنسان قولاً يقطر حكمةً، ويقطر إحساناً، ويقطر رحمةً، أم أن يقول قولاً كلّه كلام شيطاني إذاً: