من اعظم معجزات النبي … إنَّ في القرآن الكريم من الآيات ما يدلّ على عِظم فضله، وما فيه من الدروس والعِبر والمعجزات عديدةٌ بحيث يقف الذهن أمامها مُتعجِّباً، قال الله -إيتي-: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) وصرح -سبحانه-: (وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

 

من اعظم معجزات النبي

وتمتاز معجزة القرآن عن غيرها من المعجزات بأنَّها خالدةٌ ومتبقيةٌ إلى يوم القيامة، فكلّ ما سِوى القرآن من المعجزات قد انتهى وزال بزوال المبرر والزمن، وما يزال القرآن يُثير الدّهشة في النفس الآدمية المسلمة وغيرها بما تحوي معهاّنه من الإعجاز العلمي والتشريعي والبلاغي، وقد ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله أعلاه وسلّم- قال: (ما مِنَ الأنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مِنَ الآيَاتِ ما مِثْلُهُ أُومِنَ، أَوْ آمَنَ، فوق منه البَشَرُ، وإنَّما كانَ الذي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فأرْجُو أَنِّي أَكْثَرُهُمْ تَابِعًا يَومَ القِيَامَةِ).

الإسراء والمعراج

تُعدُّ معجزة الإسراء والمعراج ثاني أكبر المعجزات التي أيّد الله -تعالى- بها نبيّه محمد -صلّى الله أعلاه وسلّم- في أعقاب القرآن الكريم، والثابت عند أهل السنة والجماعة أنَّ رسول الله قد عُرج بجسمه وروحه وهو في ظرف الاستيقاظ إلى السماء، وأُسْرِي به من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى، وجاء هذا في كتاب الله الخاتم، أفاد الله -تعالى-: (سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذي بارَكنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ البَصيرُ)

 

وحين بلغ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- إلى السماء، شاء الله -إيتي- أن يصل السماء السابعة وما عليها، ثمَّ إلى سِدرة المنتهى عند جنّة المسكن؛ فاطّلع عليها، وكلّمه الله -هلم-، وفريضة عليه وعلى أمّته خمس نداءاتٍ في اليوم والليلة، ورأى النار، والملائكة، واطّلع على جبريل بهيئته الحقيقية، وكُلّ هذا كان واقعاً حقيقياً لا كذباً ومجازاً، وقد كان ذاك تعظيماً وتشريفاً من الله -إيتي- له.

ثم هبط من السماء إلى المسجد الأقصى، وصلّى فيه إماماً بالأنبياء، وآب إلى مكّة المكرمة قبل طلوع الصباح، وفي ذاك يقول الله -إيتي-: (أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى* وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى* عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى* عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى* إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى* مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى* لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى)

 

انشقاق القمر

أيّد الله -إيتي- رسوله بمعجزة انشقاق القمر، قال -سبحانه-: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ* وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ* وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ*وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّنَ الْأَنبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ* حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ)

وكان هذا قبل حادثة الهجرة النبوية حين طلب المشركون من رسول الله أن يشقّ لهم القمر، وعاهدوه بالإيمان إن حدث هذا، فدعا رسول الله ربّه أن يشقّ لهم القمر، فلمّا كانت ليلة الـ4 عشرة من الشهر؛ كان القمر حينها في أنهىّ صوره، فشقّه الله -هلم- إلى نِصفين، وشاهد قليل من الصحابة منطقة جبلية حراء من بين شقّي القمر، ثم عاد واكتمل، ولقد استقر عن أنس بن مالك -رضي الله سبحانه وتعالى عنه- أنه قال : (أنَّ أهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُرِيَهُمْ آيَةً، فأرَاهُمُ القَمَرَ شِقَّتَيْنِ، حتَّى رَأَوْا حِرَاءً بيْنَهُمَا).

وقد قرن الله -تعالى- ذكر كارثة انشقاق القمر باقتراب السّاعة، وعلى الرغم من أنَّ قريش وعدوا رسول الله بالإيمان إذا انشقّ القمر، بلَّهم حين رأوا هذا ظلُّوا على عِنادهم وتجبّرهم، وكذّبوا رسول الله واتّهموه بالسِّحر، إلا أنّ الذهن يرى أنَّ القمر من مخلوقات الله يتصرّف به كيف يشاء، قال -هلم-: (وَهُوَ الَّذي خَلَقَ اللَّيلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمسَ وَالقَمَرَ)

نبع الماء من بين أصابعه

وضع رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- سهمه ذات يومٍ من الأيام في البئر في غزوة الحديبية؛ فتكاثرت فيه الماء، وقد تكرّرت تلك الكارثة حين وحط رسول الله يده في إناء الماء

وقد روى جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- فقال: (عَطِشَ النَّاسُ يَومَ الحُدَيْبِيَةِ، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ فَتَوَضَّأَ منها، ثُمَّ أقْبَلَ النَّاسُ نَحْوَهُ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما لَكُمْ؟ قالوا يا رَسولَ اللَّهِ: ليسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ به ولَا نَشْرَبُ، إلَّا ما في رَكْوَتِكَ، قالَ: فَوَضَعَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَهُ في الرَّكْوَةِ، فَجَعَلَ المَاءُ يَفُورُ مِن بَيْنِ أصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ العُيُونِ. قالَ: فَشَرِبْنَا وتَوَضَّأْنَا فَقُلتُ لِجَابِرٍ: كَمْ كُنْتُمْ يَومَئذٍ؟ قالَ: لو كُنَّا مِئَةَ ألْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِئَةً)