هل الخسوف غضب من الله … يظن الكثير بأن ظواهر الخسوف والكشوف تتم نتيجة لـ حنق من الله على عباده، ولذا لكثرة معاصيهم واقترافهم للذنوب.
ولقد استقر اليوم بسبب تمنح العلوم الكونية أن الكسوف والخسوف أمر عادي ينشأ لأسباب طبيعية معروفة يدرسها الطلاب في مدارسهم، فهو ظاهرة طبيعية كالمد والجزر وما شابه ذاك، إذ نسلط الضوء لكم اليوم من خلال النص اللاحق، عن الحقيقة الكاملة لظاهرة الخسوف او الكشوف وهل تثبت أن حنق الله تعالي على عباده أم لا.
المفتي الدكتور الشيخ يوسف عبد الله القرضاوي
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فلا تعارض بين وجّه النبي بالدعاء والصلاة عند الكسوف والخسوف وبين العلم الذي يشير إلى تلك ظواهر طبيعية يمكن للعلماء التنبؤ بها مسبقا، فلقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء عند الصباح والمساء، وفي أوقات معينة شرعت صلوات محددة، ولذا لا يتعارض على الرغم من أنها ظواهر طبيعية.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي -حفظه الله -:
لم يأت في القرآن الكريم ذكر لصلاة الكسوف والخسوف . وإنما وردت بها السنة المطهرة من قول الرسول عليه الصلاة والسلام وفعله، وهذا في العام العاشرة للهجرة حين كسفت الشمس فصلى بأصحابه وأطال التضرع حتى انجلت الشمس.
ولم يرد في حين اتفقت فوق منه القصص السليمة أن ذاك الكسوف كان نتيجة لغضب من الله على الناس . كيف وقد وقع ذلك بعد أن جاء نصر الله والفتح ودخل الناس في دين الله أفواجًا، وتشعّب وتوسع نور الإسلام في جميع جهة من جزيرة العرب، فإن كان الكسوف ينتج ذلك من حنق الله لحدث ذلك في العهد المكي، حين كان الرسول وأصحابه يقاسون أشد ألوان العنت والاضطهاد والشقاء، وحين أخرجوا من ديارهم وأموالهم بغير حق لكن يقولوا ربنا الله.
فقد كان الناس في عصر النبوة يظنون أن كسوف الشمس والقمر إنما هو مشاركة من الطبيعة لموت عارم من عظماء أهل الأرض . وقد كان من غرائب المصادفات أن كسوف الشمس الذي وقع في فترة حكم النبي صلى الله عليه وسلم كان يوم مصرع إبراهيم ابنه من مارية القبطية، وقال الناس يؤمئذ:
إن الشمس قد انكسفت لموته أي حزنًا فوقه، وإكرامًا للرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسكت على ذلك القول الزائف والاعتقاد الباطل، وإذا كان فيه إضافة آية أو معجزة قريبة العهد إلى آياته ومعجزاته الكثيرة، لأن الله أغناه بالحق عن المكسب بالباطل.
روى الإمام أحمد والطبراني من حديث سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب فيهم يوم الكسوف فقال:
” أما بعد: فإن رجالاً يزعمون أن كسوف هذه الشمس وكسوف هذا القمر، وزوال هذه النجوم من مطالعها لموت رجال عظماء من أهل الأرض، إنهم قد كذبوا . ولكنها آيات من آيات الله عز وجل يعتبر بها عبادة..”. (مجمع الزوائد ج 2 ص 210 رواه الحاكم وقال: صحيح على شرطهما ووافقه الذهبي كما في المستدرك وتلخيصه ج 1 ص 329، 231 ).
وروى البخاري عن المغيرة بن شعبة قال: انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم، فقال الناس: انكسفت لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموها فادعوا الله وصلوا حتى ينجلي “.