ثورة ليبيا ضد القذافي .. خليط من الوجع والأمل يستقبل صلاح زعتر ذكرى مرور عشرة سنين على الثورة الليبية التي ساهم فيها مع ملايين الليبيين في مواجهة نمط معمر القذافي، وفقد في طريقها أعز الناس إليه، اثنين من أشقائه.

“كانت مثل المنام الذي لم نتوقعه، في حضور نهج لم يكن يجيز بأي ميدان لنشاط سياسي أو المطالبة بالتقويم أو حتى الإصلاح لأن المحادثة في السياسة كان معناه الاعتقال ودخول السجن لسنوات طويلة”، يقول زعتر.

ثورة ليبيا ضد القذافي

الليبيون خرجوا في 2011 منادين بالحرية – ثورة بتاريخ 9 مارس 2011

وجوبهت الاحتجاجات التي اندلعت في 17 شباط 2011 بالعنف. ويتذكر زعتر كيف فتحت القوات المسلحة والشرطة الليبية الرصاص الحي على المتظاهرين وقتلت مئات في ساحة الشهداء.

وسرعان ما تصاعدت إلى تشاجر حامل سلاح كامل؛ أدى عقب مبادرة جوية شنها حلف شمال الأطلسي إلى إسقاط نظام الرئيس الليبي السابق معمر القذافي.

“المنام والأمل”

يقول زعتر: “على الرغم من القساوة الذي قوبلنا به، عشنا مع الثورة الرؤيا والأمل في الحصول في النهاية على المساواة والديمقراطية وحرية التعبير وأن نحصل على حقوقنا كاملة خصوصا في دولة غنية مثل ليبيا، فيها من الموارد ما يجعلنا نعيش في معدّل جيد للغاية”.

“حلت الثورة بغتة ولم يكن ثمة بديل مستعد يقود المرحلة مثلما يلزم”، يقول الكاتب والمحلل السياسي الليبي عبدالله الكبير لموقع “الحرة”، “عشية الثورة لم تكن بليبيا كفاءات سياسية جديرة بالقيادة ولم تكن هناك شركات يمكن الاعتصام بها عند الأزمات”.

عاجلا ما تحولت الثورة إلى مواجهات بالأسلحة والذخيرة مع قوات القذافي- صورة التقطت في مارس 2011

ويوضح: “في العامين التاليين للثورة كانت الأشياء على أحسن ما يرام. جرت الانتخابات وبدأ الليبيون يتفاعلون مع عهد جديد مليء بالوعود الرائعة. قرأ ذلك تصارع محموم على السلطة سرعان ما انفجر لصراع مسلح”.

ويرى الكبير أن المناحرة السياسي والنعرات الجهوية وتصحر الحياة السياسية والتدخل الخارجي عوامل تضافرت لتنتج المشهد الليبي الجاري.

ويقول زعتر: “لم نقم بالثورة من أجل الكهرباء أو العيش، مثل أغلب الثورات، لكن بهدف الحقوق والمساواة والحريات، حالا أصبح أعظم طموح الليبيين أن يعيشوا ليس إلا في سكون”.
“الفزع من مصير مجهول”

ويوضح “لم نتوقع فحسب الديمقراطية وحرية التعبير، لكن توقعنا أن يتحسن وحط الناس المعيشي وأن نكون في طمأنينة، لكننا للأسف عشنا عشر سنين عجاف من القتل والحرمان والخوف من المصير المجهول، نتيجة لـ الحروب والميليشيات التي صرت تتحكم في حياة الناس”.

ومنذ 2014، ليبيا مجزأة بين كيانين خصوم على التشريعية، والحكم، والهيمنة.

وليبيا غارقة في بلبلة غذتها التدخلات الأجنبية منذ وقوع نظام معمر القذافي في السنة 2011، وشهدت نزاعا بين سلطتين: حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة والتي تتخذ طرابلس في الغرب موضعا لها، وسلطة يجسدها الجنرال خليفة حفتر شرقي البلاد.

“فقدنا أعز الناس”

وتمتزج ذكرى الثورة، عند زعتر، بذكرى ضياع أحبته وأكثرهم أهمية أشقاؤه علي وموسى زعتر، اللذين فقدا حياتهما في سنة 2015 عندما تصدى أحدهما لتشريع تنظيم داعش الذي كان يتحكم في مدينتهم، أما الآخر فاختطفه التنظيم بعدها بشهر وقام بتصفيته، “الثورة أخذت مني أعز الناس الذين ماتوا لتأمين البقية”.

ولأن صلاح كان صحفيا وناشطا مدافعا عن حقوق الإنسان، وبسبب الشأن غير المستقر، أصبحت عمره في خطر، فانتقل إلى أوروبا، ويقيم في ألمانيا حتى تلك اللحظة.

وكما أن عملية المساءلة لا تزال بعيدة المنال عن الجرائم التي ارتكبت في وجود حكم القذافي، بما في ذاك مذبحة 1996 للسجناء في سجن أبو سليم، ما زال قتلة شقيقي صلاح زعتر بعيدين عن العدالة، إذ ترسخ الإفلات من العقوبة على نحو حاد على نطاق السنوات العشر السابقة، وفق رأيه.