من العناصر الفنية للمقال … إذ تُعتبر من أفضَل الفنون النثرية القصيرة؛ لما تمتلكه من دور بارز في الحياة الاجتماعية، على يد التطرق للمشكلات المحيطة وتحليها، والبصر في أمرها، وتقوم المقالة على العموم على عدد من المكونات التي ترسم الشكل الفني لها وفي ذاك النص سنعرف عدد محدود منًا منها.

المقال

هو قطعة نثرية قصيرة أو متوسطة الطول، جلَد رأي موحدة، وتعالج بواسطتها عدد محدود من القضايا العامة أو المخصصة، وتكون تلك المعالجة متعجلةً صبر فكرةًا خاصًا وتستوفي انطباعا ذاتياً، إذ يبرز فيها العنصر الذاتي نتوءًا غالبا، مثلما يحكمها منطق البحث ومنهجه الذي يتوقف على إنشاء الحقائق على مقدماتها، ويخلص إلى نتائجها، والمقالة هي قطعة مؤلفة، متوسطة الطول، وتكون عادة منثورة في أسلوب يمتاز بالسهولة والاستطراد، وتعالج نصًا من الموضوعات بشكل خاص.

من العناصر الفنية للمقال

إنَّ من المكونات الفنية للمقال المقدمة والعرض والخاتمة، وعادةً ما تبدأ الواجهة بجملة تجذب مراعاة القارئ للموضوع، ثم إرتقبي جملة تحدد الهدف من الموضوع، وبذلك جملة ممهدة للدخول في صُجوهر الموضوع أو العرض، حيث يمثل العرضُ الجزءَ الأضخم من المقال؛ لأنه يأكل إشكالية الموضوع ويمنح لها التوضيح والتحليل، والتمثيل حتى يصل بهدفه إلى ذهن القارئ. وهذا القسم يحتل ثلثي قدر النص، وأخيرًا تأتي الخاتمة التي تميل إلى الإيجاز، ويلخص الكاتب هدفَ النص، والنتيجة التي توصل إليها، ويجبُ أن تكون موجزةً، جليةً، لغتُها مبسطة.

نشأة المقالة

على يدي الكاتب الفرنسي (ميشل ده مونتن) نشأت المقالة الجديدة في الغرب في القرن السادس عشر، إذ كانت تتسم في بداياتها بالطابع الذاتي، إذ عكس الكاتب تجربته الذاتية في تناول الأمور الخلقية والتربوية التي انصرف إلى معالجتها، فلقيت مقالاته رواجًا في جموع القراء، ثم برز في القرن الـ7 عشر في إنجلترا الكاتب (فرنسيس باكون)، الذي قال من تجربة مونتن، وعمل على تعديل تجربته المختصة في ضوئها، غير أن عنصر الموضوعية كان أقوى وضوحًا في مقالاته، مع القابلية إلى الأشياء الخلقية والاجتماعية المركزة، وفي القرن الثامن عشر أعطت الإنطباع المقالة فئةًا أدبيًا قائما بذاته، يتناول فيه الكتاب أشكال الحياة في مجتمعهم بالنقد والتحليل، وفي القرن الـ9 عشر، اتسع مدى المقالة لتشمل نواحي الحياة عامتها، وزادت انطلاقًا وتحررًا واتسع حجمها بحكم ظهور المجلات المتخصصة.

 

تطور المقالة العربية

أدت الكثير من الأسباب إلى نمو المقالة العربية، ومن أبرز هذه الأسباب ما يجيء:

تأثر العرب بالفكر من الغرب وصحافته.
ارتقاء الإدراك لدى العرب بواسطة التيارات الفكرية والأحزاب السياسية، التي كانت وليدة فاعلياتٍ بارزة، مثل: الثورة العربية، ومجيء جمال الدين الأفغاني، والاحتلال البريطاني، وغير ذاك.
ظهور المدرسة الصحفية الحديثة، الذي ترافق مع نتوء الكمية الوفيرة من الصحف، مثل: اللواء، والمدعوم، والسفور، الصحيفة، والتبليغ، والسياسة.
ظهور المجلات المختصة التي أحاطت بجميع مركبات المقالة العربية وكربّت بها.

 

سمات المقال الذاتي

للمقال نوعان، الذاتي والموضوعي، ومن أكثر أهمية شكل وجه النص الذاتي ما يأتي:

تظهر شخصية الكاتب في الموضوع الذاتي شخصية الكاتب أكثر وضوحًا.
يشيع في الموضوع الذاتي الأسلوب الأدبي الذي يمتلئ بالإيقاع الموسيقي والصور الفنية.
يحرض المقال الذاتي شتى أنواع الانفعال بالقارئ، مثل: الفرح، أو الحزن.
يظهر حس أخلاقي المتكلم في المقال الذاتي على نحو بارز؛ لأنه يطرح أساسًا تجربة ذاتية.

سمات المقال الموضوعي

عقب معرفة شكل وجه الموضوع الذاتي لا بُدَّ من علم سمات المقال الموضوعي، وهي في حين يأتي:

يتميز المقال الموضوعي بالبساطة والوضوح والبعد عن الغموض.
يتميز المقال الموضوعي بأنه خالٍ من العواطف الشخصية.
يمتاز الموضوع الموضوعي بطول العبارة التي تناسب معدل الفكرة، على يد الإيجاز غير المخل.
يمتاز النص الموضوعي بالدقة وتسمية الأمور بمسمياتها، كما يتقيد بالموضوع ومتطلباته، وعدم الذهاب للخارج عنه إلى أمور جانبية.
يمتاز النص الموضوعي باستخدام البراهين العقلية والجدل، وسيادة المنهج العلمي عليه.