موعد عيد تحرير طابا 2022 .. البعض يتخيل أن إسرائيل فقط من أرادت فرض سيطرتها على طابا، ولكن الدولة العثمانية سبقتها بعشرات السنوات.

ثلاثين عاماً مضت على استرداد مصر آخر كيلومتر مربع كان مُحتلًا من أراضيها.. 7 أعوام بذلت فيها مصر قصارى جهدها، وضربت عبرةًا كان الأكبر من طرازه في استرداد الأرض دون قطرة دم واحدة، عبر أساليب دبلوماسية سلمية متفردة، كان المُحكم العالمي طرفًا ضروريًا فيها.

موعد عيد تحرير طابا 2022

19 مارس/مارس من عام 1989 هو الزمان الماضي الذي رُفع فيه العلم المصري على أرض طابا بأيدي الرئيس السابق محمد حسني مبارك، في مرأى لن يُمحى، حيث سُجِّل في الزمان الماضي بالمقطع المرئي.

وتبعد طابا نحو 240 كيلومتراً عن بلدة شرم الشيخ الحادثة في جنوب شبه جزيرة سيناء، وتجسد مثلثًا قاعدته في الشرق على خليج العقبة بطول ثمانمائة متر، وضلع اتجاه شمال بطول 1000 متر، وآخر جنوبي بطول 1090 مترًا، ويتلاقى الضلعان لدى النقطة التي صبر علامة 91، وفي الوقت ذاته تبعد طابا عن ميناء “إيلات” الإسرائيلي 7 كيلومترات، ويعدها الكيان المحتل بوابتها لسيناء التي ما دام رؤيا باحتلالها وفرض سيطرته عليها كاملة.

حاولت إسرائيل الاستيلاء على طابا عديدًا لتوسيع منفذها المنفرد على البحر الأحمر “إيلات”، وبذلك السيطرة بشكل أو بآخر على ذاك المسطح المائي الهام بنقاطه الاستراتيجية، سواء مضيقيّ باب المندب وتيران أو قناة السويس، ميزةًا عن فرض السيطرة على رأس خليج العقبة، وفي الزمن نفسه تُتاح لها الاحتمالية لأن تمارس ضغوطها على جمهورية مصر العربية ودول المساحة متى شاءت. الرئيس المصري السالف محمد حسني مبارك خلال رفع العلم على أرض طابا

 

 احتلال تركي عثماني

يعتقد القلة أن إسرائيل فحسب من أرادت إلزام سيطرتها على طابا، ولكن البلد العثمانية سبقتها بعشرات الأعوام.

فالأزمة الأولى ظهرت مستهل القرن السابق، بين جمهورية مصر العربية وسلطة الاحتلال الإنجليزي من منحى والدولة العثمانية من جانب آخر في يناير/يناير 1906، بعد أن بعثت تركيا قوة لاحتلال طابا مخالفة بذاك ما جاء بفرمان 1841 و1892 الخاصين بولاية مصر والحدود العالمية الشرقية لها، والممتدة من رفح شمالاً على ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى رأس خليج العقبة جنوباً شاملة مناطق العقبة وطابا والمويلح.

ولتحافظ بريطانيا على مصالحها في مصر بعد أن تم تهديد أمن قناة السويس التي تطل منها على مستعمراتها في الهند وجنوب في شرق آسيا، تدخلت سياسياً لحجب تكريس المسألة الواقع على الحدود، فتعقدت الموضوعات، واتسعت أزمة طابا إلى مكان رفح في أعظم وأكبر الشمال، حيث أرسلت الدولة العثمانية قوة عسكرية أخرى لانتزاع رفح وإزالة أعمدة الحدود الدولية بها.

وحالَما فشلت الجهود السياسية رفعت المملكة المتحدة تنويهًا ختاميًا إلى الباب العالي في تركيا، بأنها ستضطر للجوء إلى القوة المسلحة ما لم يكمل إخلاء طابا ورفح وتراجع مجموعات الجنود التركية بهما إلى ما وراء الحدود، فرضخت السلطة العثمانية لهذه المتطلبات الشرعية آنذاك، وعينت لجنة مشتركة مع الجهة المصري والإنجليزي لإرجاع ترسيم الأطراف الحدودية إلى ما كانت أعلاه، فعادت طابا إلى ضِمن الأطراف الحدودية المصرية.

وبلغ عدد الأعمدة المقامة آنذاك على الأطراف الحدودية العالمية وحتى اليوم 91 عمودًا للحدود بدايةًا من العمود رقم واحد عند ميناء رفح على تل الخرايب وحتى أحدث عمود وهو رقم 91 على رأس طابا، وانتهى نهائيًا بناء تلك الأعمدة الإسمنتية المسلحة في 9 شباط 1907، وهكذا عادت طابا مصرية مطلع القرن الـ20، وقد كانت الوثائق المرتبطة بمشكلة طابا الأولى خير سند قانوني مساندة موقف المفاوض المصري في ورطة طابا الثانية في ثمانينيات القرن الـ20، عقب انتصار أكتوبر المجيد.

احتلال إسرائيلي ومعركة السنوات الـ7

آبت موضوع الأطراف الحدودية الآمنة لتطرحها إسرائيل حتى الآن معركة أكتوبر 73، على أن عقدت معاهدة الاطمئنان في آذار/آذار عام 1979، ونصّت في مادتها الأولى حتّى تنسحب إسرائيل من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين أسفل الانتداب، لكن إسرائيل عزمت بعد توقيع المعاهدة توسيع الأقاليم التي تحيط بميناء إيلات، وأول خطواتها التي خطتها خلسة دون إبلاغ مصر أن شرعت في إقامة فندق سياحي في وادي طابا، ليبدأ نقيض الحدود المشهور، خاصة لدى علامة الأطراف الحدودية رقم 91 بمنطقة طابا.

وفى أكتوبر عام 81، وعند تدقيق أعمدة الأطراف الحدودية الشرقية، اكتشفت اللجنة المصرية عدد محدود من الأعمال الغير شرعية الإسرائيلية بخصوص 13 علامة حدودية أخرى؛ أرادت ضمها إلى أراضيها، وأفصحت جمهورية مصر العربية آنذاك أنها لن تفرط في سنتيمتر فرد من أراضيها، لتبدأ موقعة الاسترداد.

وفي مارس/مارس 1982 أعلنت جمهورية مصر العربية عن ضد مع إسرائيل بشأن الإشارات الحدودية الـ13، مضمونة تمسكها بموقفها المقوى بالوثائق الدولية والخرائط التي تثبت انتساب هذه المناطق للأراضي المصرية، وعقدت ندوات وافرة رفيعة الدرجة والمعيار لنقاش العثور على حل للمشكلة، وتعقدت الأشياء بأسلوب أضخم بعد تعنت الإسرائيليين في إسترداد طابا، فطالبت مصر باللجوء إلى التحكيم الدولي لحل الكفاح كما تنص المادة السابع من معاهدة السكينة بين البلدين.

وأعلنت إسرائيل في 13 كانون الثاني من عام 1986 رضاها على اللجوء للتحكيم الذي تحددت شروطه وتم الإمضاء أعلاها بفندق مينا هاوس في 12 سبتمبر1986، وشمل الاتفاق مهمة المحكمة في تحديد مواقع النقط وعلامات الحدود دكان الجدل، واتفق الطرفان على اختيار المحكمين.

وقبل صدور الحكم رسخ لدى المصلحة انطباع حقيقي عن ظروف نقاط الحدود بشدة الحماية والرأى المصرية، وضعف دافع المنظور الإسرائيلية.

وفي 29 أيلول/سبتمبر عام 1988، أصدرت منظمة التحكيم التي عُقدت في جنيف بالإجماع حكمها التاريخي لأجل صالح مصر بمصرية طابا صرفة، وبعد صدور الحكم اختلقت إسرائيل أزمة قريبة العهد في الإنتهاج، حيث أعلنت أن جمهورية مصر العربية حصلت على حكم لمصلحتها، إلا أن الإتخاذ لن ينهي إلا برضا إسرائيل، وتشييدً على شروطها، غير أن البلد المصرية رفضت كل العروض والمناورات الإسرائيلية، التي كان من بينها موافقة الوضعية المصري مع السماح بتأجير إسرائيل مساحة طابا لمقدار 99 عاماً، وتوا رفضت جمهورية مصر العربية الاقتراح مضمونة الاستمرار في التحكيم لتعارض مبدأ التأجير مع فخامة جمهورية مصر العربية.

وتم حسم الوضعية من خلال اتفاق روما التنفيذي في 29 تشرين الثاني/تشرين الثاني 1988، بحضور الولايات المتحدة الأمريكية، إذ انتهى بحل المسائل المُعلقة والاتفاق على حلها نهائيًا على يد 3 اتفاقيات: الأولى تتعلق بالنشاط السياحي بتعويض إسرائيل بمبلغ 37 مليون دولار، وبأسعار ذاك الدهر تدفعه جمهورية مصر العربية نظير تسليمها العقارات السياحية في فندق “سونستا طابا” والقرى السياحية، على غرار ما حدث في مختلف من: دهب ونويبع وشرم الشيخ من قبل.

فيما اختص الاتفاق الثاني بتحديد موعد الانسحاب الإسرائيلي النهائي من طاب، وتوصيل خط الأطراف الحدودية إلى شاطئ الخليج (النقطة 91) وتحدد 15 مارس/مارس 1989.

والاتفاق الـ3 تعلق بنظام مرور الإسرائيليين من وإلى طابا إلى جنوب شبه جزيرة سيناء، حيث اتفقت الأطراف على السماح للسياح الإسرائيليين بالدخول إلى طابا، وفي حال دخول العربات يتعين أن يلصق على العربة مُلصقًا خاصًا، كذلك يسمح بالدخول والخروج من طابا إلى إيلات في زيارات متعددة أثناء 14 يومًا، وأن يحمل كل سائح جواز السفر المختص به، وأن يقوم بملء بطاقة معلومات تختم بمعرفة السلطات المصرية في طابا، وتكون صالحة لمدة 14 يومًا.

وانتهت موضوع طابا بزيادة الرئيس السابق محمد حسني مبارك العلم فوق أراضيها عام 1989، حتى الآن موقعة سياسية ودبلوماسية استمرت لأكثر من 7 سنين.