خطبة عن الزكاة وأثرها في تحقيق التكافل الاجتماعي … إن الله تعالى إلزام على أهل الإسلام فروضًا، على المسلم أن يأتيها ويقوم بها حتى يستوي إسلامه، وتصلح عقيدته، ويحصل الإيمان.

وتختلف درجات هذه الفرائض، فأعظم الفرائض زوايا الإسلام الخمسة المجموعة في خطبة ابن عمر كما في الصحيحين، وإن من أعظم العبادات وأجل الفرائض وأبرز الزوايا …. الزكاة .

خطبة عن الزكاة وأثرها في تحقيق التكافل الاجتماعي

فالزكاة ركن من زوايا الإسلام، ونظام لا تصلح الحياة الاجتماعية سوى به، ولا يقبل الدين دونه.

فقد حفل كتاب الله الخاتم وسنة النبي الأمين عليه الصلاة والسلام بنصوصٍ كثيرة تحث على الزكاة بين الترغيب في أدائها والترهيب من منعها!!

وقد قرنت الزكاة بالصلاة في مقار وفيرة من القرآن الكريم؛ وعن الحكمة من هذا يقول الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره:” بالعادة يجمع إيتي بين الصلاة والزكاة في القرآن، لأن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود، والزكاة والنفقة متضمنة للإحسان على عبيده، فعنوان سعادة العبد إخلاصه للمعبود، وسعيه في نفع الخلق، كما أن عنوان شقاوة العبد عدم هذين الأمرين منه، فلا إخلاص ولا إحسان.”

فالصلاة بها تصلح الرابطة والحقوق بينك وبين الله؛ والزكاة بها تصلح الرابطة والحقوق بينك وبين الناس!!

أيها المسلمون: لقد استهان عدد كبير من الناس في هذا الزمن بفريضة الزكاة؛ وفرقوا بينها وبين التضرع؛ مثلما وقع بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد اعتقد بعض مانعي الزكاة من أحياء العرب أن صرف الزكاة إلى الإمام لا يكون، وإنما كان خاصًا برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ واحتجوا بقوله هلم: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ؛ وقد رَدَّ عليهم هذا التأويل والإدراك التالف الصديق أبو بكر وعموم الصحابة، وقاتلوهم حتى أدوا الزكاة إلى الخليفة، مثلما كانوا يُؤدونها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، حتى أفاد الصديق: ” والله لأقاتلن من إختلاف بين الدعاء والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال؛ والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على حرمه” ( متفق فوقه )

عباد الله: إن إخراج الزكاة فيه طهارة وتزكية للنفس والمال معا: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا؛ فهي باعتبار طهارة وجلاء وغسل للأدران والأوساخ من الذنوب والذنوب والشح والبخل ومنكرات الصفات القبيحة؛ ولذلك كان لا يأكلها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أهل منزله؛ وتحدث في ذاك: «إنّ الصّدقة لا تنبغي لآل محمّد، إنّما هي أوساخ النّاس.»(مسلم)؛ وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: إنّ الحسن بن عليّ- رضي الله عنهما- إتخاذ تمرة من تجتاز الصّدقة فجعلها في فيه. فقال له النّبيّ صلّى الله فوقه وسلّم بالفارسيّة: كخ، كخ ؛ أما تعرف أنّا لا نأكل الصّدقة؟» (البخاري ومسلم)

عباد الله: إن الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع أحاديثه لا يقسم لأنه مصدق في كل ما يقول؛ غير أنه أتى لدى المحادثة عن الزكاة والصدقة والإنفاق فأقسم على أنها لا تُنقِص من الثروة: فعن أَبي كَبْشَةَ الْأَنَّمَارِيّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:” ثَلَاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ : مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ؛ وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا ؛ وَلَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ” (الترمذي وحسنه)