خطبة الجمعة بعد عيد الفطر مكتوبة .. الحمدُ للهِ الأعزِّ الأكرم، وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهمَّ فصلِّ فوقه، وعلى آلِه وأصحابِه، وسلِّم تسليمًا عديدًا.

خطبة الجمعة بعد عيد الفطر مكتوبة

أمَّا بعد، فيَا عِبادَ الله:

اتقوا اللهَ ربَّكم بالعملِ بما يُحبُّه ويَإصابةَاه، وسارعوا إلى مغفرتِه وجنَّتِه بلزومِ كلفِهِ واجتنابِ نواهيه، فالمؤمِن مَن يَرجو اللهَ ويَتقِيه، ولا تَتبِعوا خُطواتِ الشيطانِ فإنَّه يُضِلُ مَن اتَّبعَهُ ويُغوِيه، ويأمرُهُ بالفحشاءِ والمُنكرِ وإلى طريقِ الجحيمِ يَهدِيه، خسر كنتُم تَرتقبونَ مَجِيءَ شهرِ رمضانِ، خسر جاءَكم وخَلَّفتُموه وراءَ ظهورِكم

وبالتالي كلُّ مُسْتَقبَلٍ سوفَ يَصلُ إليهِ العبدُ ثم يُخَلِّفُه خلفَهُ حتى الهلاك، فقد أودعتُموه ما شاءَ ربُّكم أنْ تُودِعوهُ مِن الإجراءات، فمَن كان مِنكُم قد أفضلَ فيه الشغلَ فَلْيُبْشِرْ بالقبول، فإنَّ اللهَ يَأقرُ مِن المُتقين، وإنَّه سبحانَه لا يُضيعُ أجْرَ المُحسِنين، ومَن كان مِنكُم مُسيئًا حادَ التقصيرِ فلْيَتُب إلى اللهِ خالقِه، فالأوبَةُ قبلَ الوفاةِ مقبولةٌ، واللهُ يُحبُ التوابين، ويَفرحُ بتوبةِ عبدِه المؤمن، ومَن ركبَ ما تهواهُ نفسُه

فلم يَتُب إلى ربِّه توبةً نصوحًا، ولم يَنزجِرْ عن عصيانِه، واستمرَّ في غيِّهِ وتفريطِه، فقد أفاد ربُّه – جلَّ وعزَّ – مُبشرًا ومُرهِّبًا -: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، وصرحَ سبحانَه آمِرًا ومُبشِّرًا: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ .

عِبادَ الله:

لَئِنِ انقضَى رمضانُ شهرُ المَغفرةِ والرحمةِ ومُضاعفةِ الأجورِ وتَصفِيدِ الشياطينِ بالأغلالِ، فإنَّ زمَنَ الشغلِ لا يَنقضِي سوى بالوفاة، ولَئِنْ ذهبَت أيَّامُ صومِ وقيامِ رمضان.

خسر سَنَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: صومَ سِتٍّ مِن شوالٍ عقبَ الانتهاءِ مِن صيامِ شهرِ رمضان، لِيَحصُلَ العبدُ على أجْرِ صيامِ سَنةِ كاملةٍ، فصحَّ عنه عليه الصلاة والسلام أنَّه قال: (( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ ))، ولا يَجبُ صيامُ هذهِ السِّتِّ مِن أوَّلِ الشهر

ولا مُتتابعةً، ومَن بادرَ إلى صومِها أوَّلَ الشهرِ وتابَعها فهوَ أرقى، ومَن أخَّرَها أو هربَّقها فلا حرَج، ويَبدأُ وقتُها مِن ثاني يومٍ في شهرِ شوالٍ، ومَن صامَها قبل قضاءِ ما فاتَهُ مِن رمضان لم يَدخُل في مكافأةِ هذا المحادثة، لِجليِ قولِه صلى الله عليه وسلم: (( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ )) إذْ لا يَصْدُقُ إلا على مَن أكملَّ صومَ جميعِ أيَّامِ رمضان.

وسَنَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صومَ الاثنينِ ويوم الخميسِ، وثلاثةِ أيَّامٍ مِن كلِّ شهر: فثبَتَ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه أفادَ عن صومِه الاثنينَ والخميسَ: (( ذَانِكَ يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الْأَعْمَالُ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ وَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ ))، وصحَّ عن والدي هريرةَ ــ رضي الله سبحانه وتعالى عنه ــ أنَّه قال : (( أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ لَا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ ))، والأفضلُ أنْ تُصَامَ تلكِ الأيَّامُ الثلاثةُ في أيَّامِ البيضِ، وهيَ: اليومُ الثالثُ عشَر، والرابعُ عشَر، والخامسُ عشَر مِن الشهر، ومَن لم يَتمكَّن صامَها في أيِّ وقتٍ شاءَ مِن الشهر، ومُتتابعةً أو مُتفرِّقة، وإنْ صام أيَّامَ البيضِ وبصحبتها ثلاثةَ أيَّام أُخْرَى مَن الشهرِ فهوَ أحسنُ وأكثرُ في الأجْر.