هل يجوز صيام وقفة عرفة بنية القضاء صيام يوم عرفة لمن لديه قضاء ..فصيام يومِ يوم عرفة أعظمُ أيام صوم التطوع أجراً، فإنَّه لم يرد في ميزة صيام يومٍ تطوُّعاً مثلما ورد في صيام يوم عرفة، ففي “صحيح مسلم” من حديث أبي قتادة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صرح: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ»
هل يجوز صيام وقفة عرفة بنية القضاء صيام يوم عرفة لمن لديه قضاء
وهذا الميزة الكبير بتكفير خطايا سنتين يحصل لمن صام يوم يوم عرفة تطوُّعاً، إيماناً واحتساباً، من غير خلاف، أمَّا من صام يومَ عرفة بنيةِ القضاء أو الكفارةِ أو النَّذر، ونوى بصحبته صوم يوم عرفات لاستيعاب فضله، فلأهل العلم في ذلك قولان:
القول الأول: أنَّ مَن صام يوماً بنيَّة الفريضة والتَّطوُّع فصيامه صحيح، وأنه يحصُل له ما نوى منهما، فمن صام يومَ عرفات بنية القضاء وبنية التطوع يدرك بذلك أجرين: أجر صيام يوم عرفة، وأجر صيام القضاء.
وقد أفاد بذلك جماعة من أهل العلم، من المالكية والشافعية([2]) وآخرين، واختاره من المعاصرين شيخنا محمد العثيمين رحمه الله إذ أفاد: “لو نوى أن يصوم ذلك اليوم – يوم عرفات – عن قضاء رمضان حصل له الأجران: أجر يوم يوم عرفة مع أجر القضاء”
وهو ما يُأدرك من جواب لشيخنا عبد العزيز بن باز كذلكً، إذ أفاد: “وإذا صام يوم عرفة عن القضاء، وأيام التِّسع عن القضاء، فهو حسن”
وحجة ذلك القول: أنَّ النَّبيَّ عليه الصلاة والسلام رتَّب الأجر في صيام يوم يوم عرفة على إجراء الصَّوم، فبأيِّ نيّة عبادية صامه
تحقَّقت الصورة التي رُتِّب فوق منها الأجر، ولذا يندرج بينما ذكره العلماء من التشريك في النية أو تداخل العبادات، حيث ذكروا أن هذا على قسمين:
الاول : ما كان الإجراء مقصوداً بشخصه، وهذا لا تشريك فيه، ولا تداخل، لكن لا بد من الإتيان بجميعِّ فرد فيها مستقلاً عن الآخر، كراتبة الظهر وراتبة المغرب مثلاً، كلاهما مقصود الحصول بشخصه.
والـ2: ما كان المقصود منه بحت التصرف لا نفسه، كتحية المسجد، فإن المقصود من كلامه صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَخَلَ
أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ»أن لا يجلس في نطاق المسجد إلا حتى الآن صلاة، وهذا يتحقق بالفريضة والنّافلة المحدودَّة والنافلة المطلقة، ومنه أيضاًً صيام يوم يوم عرفة، قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله: “فصوم يوم
عرفات مثلاً المقصود أن يأتي عليك ذاك اليوم وأنت صائم، سواء كنت نويته من الأيام الثلاثة التي تصام من شهرياً، أو نويته ليوم عرفة
القول الـ2: أنه لا يصحُّ في العبادة الجمع بين نية التكليف ونية التطوع، فمن صام يوم عرفة بنية القضاء وبنية التطوع لا يحصل له فضل صيامه، لأنَّ ميزة صيام يوم يوم عرفة لا يحصل إلا بنية صومه تطوُّعاً، على الوجه الذي رُتِّب أعلاه الأجر، وهو أن يصومه
لأنه يكون يوم عرفات، وبهذا أفاد جماعة من المالكية والشافعية وآخرين
وحجة ذاك القول: أنه لا يجتمع في عمل نيَّة الفرض ونيَّة التطوع، لاختلافهما في الأحكام.
والأقرب من هذين القولين -والله أدري- أنَّ من صام يوم عرفة بنية القضاء والتطوع، فإنه يُحصِّل أجر فعل الضروري وأجر التطوع، فيحصل له صيام القضاء وصوم يوم يوم عرفة، ومن الممكن أن يُستدلَّ لهذا بما رواه البخاري ومسلم من حوار عمر بن الخطبة
رضي الله سبحانه وتعالى عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاد: «إنما الإجراءات بالنيات، وإنما لجميع امرئ ما نوى»
فيكون لمن صام يوم عرفة قضاءً وتطوُّعاً ما نوى، وفضل الله واسع.
وأما قولهم بأنه لا يجتمع نية الإلزام والتطوع فغير مُسَلَّم، فإنه إذا دخل المصلي المسجد وصلى الفرض، يكون قد امتثل أمراً واجباً وآخر مندوباً، والله أعلم.