خطبة خالد بدير رحلة الإسراء والمعراج

خطبة خالد بدير رحلة الإسراء والمعراج … الان ننشر لكم زوارنا في موقع “القلعة” خطبة الشيخ خالد بدير حول رحلة الاسراء والمعراج غدا 5 مارس 2021 حيث هناك العديد من عمليات البحث حول خطبة خالد بدير رحلة الإسراء والمعراج .. تابعونا الان .

 

خطبة الجمعة القادمة 5 مارس 2021م، للدكتور خالد بدير : رحلة الإسراء ومكانة الحبيب – صلى الله عليه وسلم – فيها:

الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } ( الإسراء: 1 ). وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .  أما بعد :

أولا: بعد المحن تأتي المنح

عباد الله: من المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أسرَّ بدعوته ثلاث سنوات؛ وحينما أمره الله بالجهر بالدعوة لقي أشد أنواع الإيذاء والاضطهاد منذ أن جهر بالدعوة على جبل الصفا ؛ وكان أول من وقف ضده أقرب الناس إليه عمه أبو لهب قائلًا: تبًّا لك يا محمد ألهذا جمعتنا؟! ونزل في ذلك سورة المسد؛ ثم توالى الإيذاء بالسب والشتم تارة؛ وبرمي سلا الجزور عليه وهو ساجد أخرى؛ وبالحصار في الشعب ثالثة؛ وأشق من ذلك كله عليه فقدان عمه أبو طالب وزوجه خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وتبع ذلك عندما ذهب إلى أهل الطائف يطلب منهم الوقوف بجانبه وأن يدخلوا الإسلام؛ فعمد إلى نفر من ثقيف، فآذوه إيذاءً شديدًا؛ وسلطوا عليه الصبيان يرمونه بالحجارة حتى أدموا عقبه؛ ثم عاد صلى الله عليه وسلم إلى مكة؛ فنزل جبريل عليه قائلًا بلسان الحال قم يا محمد: إذا كان أهل مكة آذوك وطردوك فإن رب البرية لزيارته يدعوك!! فكانت رحلة الإسراء والمعراج؛ تسلية وتسرية له صلى الله عليه وسلم عمَّا لاقاه من قومه ؛ وبعد المحن تأتي المنح؛ وبعد العسر يسرًا .

أحبتي في الله: إن الواحد منا لو انتابه غم أو هم أو أي بلاء من نوائب الدهر فإنه يحتاج إلى أن يُسَرِّي عن نفسه ؛ فيبحث عن أفضل مكان يتنزه فيه ويخلع وراءه الأحزان والآلام؛ فما بالك لو كانت هذه التسرية في حضرة المولى سبحانه وتعالى؛ وفي مكان لم يصل إليه ملكٌ مقربٌ ولا نبيٌ مرسلٌ ؛ فهل هناك تكريم بعد هذا التكريم ؟!!

أيها المسلون؛ أيها الدعاة: إن هذه المحن والابتلاءات والشدائد التي نمر بها في حياتنا تعلِّمنا أن الدنيا دارُ التواء، لا دارُ استواء، ومنزل ترح لا منزلُ فرح، وأن من عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لشقاء .

إنها تُعلِّمنا أن اليسر مع العُسر، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب .

ثانيًا : شرف العبودية { أسرى بعبده }

عباد الله: لقد وصف الله نبيه صلى الله عليه وسلم بأرفع مقام – العبودية – فقال: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ }( الإسراء: 1)؛ وقال: { فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى } . (النجم: 10) . كما وصفه الله تعالي بالعبودية في إنزال الكتاب عليه فقال: { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا} .( الكهف: 1 ) ؛ وقال: { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا } . ( الفرقان : 1 ) . وقال: { هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } . ( الحديد : 9 ) . فالله تعالي لم يقل أسرى برسوله أو نبيه أو حبيبه أو خليله، فلله عز وجل في كونه عبيد وعباد، فكلنا عبيد الله؛ الطائع فينا والعاصي؛ والمؤمن فينا والكافر، ولكن عباد الله هم الذين أخلصوا له فاتحد اختيارهم مع منهج الله سبحانه وتعالى، ما قال لهم افعلوه فعلوه وما نهاهم عنه انتهوا؛ ولذلك عندما يتحدث القرآن عنهم بين خلق الله لا يسميهم عبيد ولكن يسميهم عبادًا يقول تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا }(الفرقان: 63).

والحق سبحانه وتعالى قد استخدم كلمة عبده ليلفتنا إلى حقيقتين هامتين؛ الأولى: أن الإسراء بالروح والجسد ولم يكن منامًا، والثانية والأهم: أن الله جل جلاله يريد أن يثبت لنا أن العبوديةَ له هي أسمى المراتب التي يصل إليها الإنسان، فالعبودية لله عزة ما بعدها عزة، وعطاء ما بعده عطاء؛ وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالي: { فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا}( الكهف: 65).