هل يجوز اخراج كفارة الصيام بعد رمضان .. اختلف العلماء في حكم تعجيل فدية الشيخ الفاني العاجز عن الصيام من أول الشهر أو وسطه، وإخراجها عن ما تبقى من الشهر كله، وهذا على قولين:

هل يجوز اخراج كفارة الصيام بعد رمضان

القول الاول :

جواز التعجيل مطلقا في أول الشهر الفضيل، وليس قبله، وهو مذهب الحنفية
يقول ابن عابدين رحمه الله:

“للشيخ الفاني العاجز عن الصوم الفطر، ويفدي وجوباً، ولو في أول الشهر، أي يخير بين دفعها في أوله وآخره” اختتم من وفي “الدر المختار وحاشية ابن عابدين” (2/ 427) .

القول الـ2:

لا يجوز تعجيل فدية 48 ساعةٍ فأكثر، ويجوز تعجيل فدية يوم فرد ليس إلا. وهو مذهب الشافعية.
يقول الخطيب الشربيني رحمه الله:

“وليس لهم، ولا للحامل، ولا للمرضع : تعجيل فدية 48 ساعةٍ فأكثر، مثلما لا يمكن تعجيل الزكاة لعامين، بعكس ما لو عجل مَن ذُكر فديةَ يوم فيه، أو في ليلته ؛ فإنه جائز” .

اختتم من “مطرب المحتاج” (2/ 176) . .

وينظر : “أسنى المطالب” (1/ 430) .

وأقرب القولين في ذلك : هو القول الأول، الذي يسمح إخراج الفدية من أول شهر رمضان، فالفدية مقابل مخفّف يلزم على الكبير والمريض المزمن، والمناسب في البدل هو التخفيف والتيسير، وليس التقييد والتشديد.

يقول الشيخ ابن باز رحمه الله:

“وهذه الكفارة يجوز دفعها لواحد أو أكثر، في أول الشهر، أو وسطه، أو آخره” .

انتهى من “مجموع فتاوى ابن باز”(15/203).

وتحدث الشيخ خيّر الفوزان حفظه الله :

“يجوز صرف الصدقة عن الأيام من رمضان أو عن الأيام جميعها لمن لا يمكنه الصوم لزمانة أو هرم، فإنه يجوز أن يدفع كفارة الأيام مقدمًا في أول الشهر، ويجوز أن يؤخرها في ختام الشهر، ويجوز في وسط الشهر، مثلما أنه يجوز أن يدفعها جملة واحدة، ويجوز أن يدفعها متفرقة” اختتم.

ثانيا:

اختلف الفقهاء في أحدث وقت تدفع فيه فدية الهرم الهائل العاجز عن الصيام، وهذا على قولين:
القول الاول :

الزمان على الإسترخاء، ولا يُحاجز بآخر شهر رمضان، ولا حرج أن يطلع الفدية الواجبة فوق منه حتى الآن شهر رمضان الفضيل .

وذلك لقول الله سبحانه وتعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) البقرة/184. ولم يذكر وقتا معينا. فثبتت الفدية في الذمة واجبا متراخيا على السعة. لو أداه بينما يتطاول من الأعوام بعد هذا : فلا حرج فوقه.

وهو ما مقال فوق منه فقهاء الحنفية والشافعية.

يقول الإمام الكاساني رحمه الله:

“الكفارات كلها واجبة على التراخي، هو السليم من مذهب أصحابنا في المسألة المطلق عن الزمن، حتى لا يأثم بالتأخير عن أول أوقات الإمكان، ويكون مؤديا لا قاضيا.

ومعنى : (الوجوب على التراخي) : هو أن يلزم في جزء من وجوده في الدنيا، غير محدد، وإنما يتعين بتعيينه فعلا، أو في أحدث حياته؛ بأن أخره إلى وقت يغلب على ظنه أنه لو لم يؤد فيه لفات . فإذا أدى، ولقد أدى الضروري، وإن لم يؤد حتى مات : أثم لتضيُّق الوجوب عليه في أجدد العمر” اختتم من “بدائع الصنائع ” (5/ 96) .

وقد ذكر أنواعا من الفدية في أمثلة هذه القاعدة.

ويقول العلامة زكريا الأنصاري رحمه الله:

“لا شيء على الهرم لتأخير الفدية، إن أخر الفدية عن السنة الأولى” . اختتم من “أسنى المطالب”(1/ 430) .

ويقول الخطيب الشربيني رحمه الله:

“لا شيء على الهرم، ولا الزمن، ولا مَن اشتدت مشقة الصوم فوق منه لتأجيل الفدية إذا أخروها عن السنة الأولى” انتهى من “مطرب المحتاج ” (2/ 176).

ويقول الشهاب الرملي رحمه الله :

“يتخير في إخراجها بين تأخيرها، وبين إخراج فدية يومياً فيه، أو حتى الآن فراغه” .

اختتم من “فتاوى الرملي” (2/ 74)

ويقول الزركشي رحمه الله:

“الفدية، حيث وجبت : فهي على الراحة والسكون” اختتم من ” المرشوش في النُّظُم الفقهية” (3/ 22).

القول الـ2:
أن الفدية ضروري فوري، لا يجوز تأخيره. وهو مذهب الحنابلة .
يقول ابن مفلح رحمه الله:
” جلي كلامهم إخراج : الإطعام فورا، لوجوبه، ولذا أقيس” اختتم من “التوزيعات” (4/448) .
وعلق عليه المرداوي بقوله:
“قد تقدم أن المنصوص عن الإمام أحمد : ضرورة إخراج النذر المطلق، والكفارة : في الحال، وذلك كفارة” اختتم من “العدل” (3/291).
والأظهر في ذلك، إن شاء الله : هو القول الأضخم؛ لما تدل عليه جلي الآية الكريمة، والتحديد بوقت لا بد له من دليل، ولا دليل هنا على التقييد.
وبهذا يظهر أن مذهب الحنفية في ذاك الباب هو الأقرب في كلتا المسألتين، وهو التوسع في صرف الفدية، سواء أول الشهر، أو آخره، أو بعده .
ولا حرج على جدتك في تقليده والإنتهاج به على كل الأحوال.
وقد نشرت ذاك السؤال على شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله هلم، فأفاد :
” يجوز تأجيل الفدية عن شهر رمضان، والأحوط أن يجعلها في آخر الشهر”. اختتم
والله أدري.