خطبة الجمعة القادمة محمد حرز بعنوان اهمية الاستثمار في حياتنا .. الحمدلله للهِ القائلِ في محكمِ التحميلِ:﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾(التوبة:105)،وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وليُّ الصالحين، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ من خلقهِ وخليلُهُ، القائلُ كما في حديثِ الْمِقْدَامِ – رضى اللهُ عنه – عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلَّى الله فوق منه وسلم – قَالَ : “مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ – عَلَيْهِ السَّلاَمُ – كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ) ((رواه البخاري)
خطبة الجمعة القادمة محمد حرز بعنوان اهمية الاستثمار في حياتنا
فاللهم صلِّ وسلمْ على مسكِ الختامِ، وخيرِ مَن صلَّى وصامَ، ووقفَ بالمشعر وطافَ بالمنزلِ الحرامِ،، وعلى آلهِ وصحبهِ الأعلامِ، لمباتِ الظلامِ، خيرِ تلك الأمةِ على الدوامِ، وعلى التابعينَ لهم بإحسانٍ والتزام.
أمَّا عقبُ: فأوصيكُم ونفسي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (آل عمران :102).
أيُّها السادةُ:(( أهمية الاقتصاد في حياتنا)) عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا
أولًا: دينُنَا يدعُو إلى الاقتصادِ.
ثانيــــًا : صفاتُ المستثمرِ الوطنِيِّ.
ثالثًا وأخيرًا: الصحابةُ الأخيارُ خيرُ مثلٍ للاستثمارِ الوطنِي.
أيُّها السادةُ : مستهلً ما أحوجَنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلى أنْ يكونَ عصريُنَا عن المستثمرِ الوطنِيِّ وخصوصاً بعدمَا تحدثنَا في الجُمُعَاتِ الفائتةِ عن صاحب التجارةِ الأمينِ وعن الصانعِ المتقنِ، و الزارعِ المجدِّ وخصوصاً ووزارتُنَا تهدفُ مِن خلفِ هذه الخطبِ إلى حثِ التجارةِ والصناعةِ والزراعةِ والاستثمارِ، كلُّ ذلك مِن أجلِ المحافظةِ على وطنِنَا جمهورية مصر العربيةَ الغاليةِ مِن أجلِ رفعتِهَا ووقفت على قدميهاِهَا وتقدمِهَا في كلِ الميادينِ التجاريةِ والصناعيةِ والزراعيةِ والاستثماريةِ، وخصوصاً ولا يخفَى على أحدٍ ما يتجاوزُّ بهِ العالمُ اليومَ مِن صعودٍ للتكاليفِ
أرهقَ الناسَ حتى في غفوِهِم ليصبحَ هذا دَافعًا للمحافظةِ على جمهورية مصر العربيةِنَا وعلى عدمِ العبثِ بأمنِهَا واستقرارِهَا في زمنِ الطوارئِ الماليةِ والاقتصاديةِ الرهيبةِ التي يمرُّ بها العالمُ لنثبتَ للدنيَا كلِّهَا أنَّ مِصْرَنَا الغاليةَ بفضلِ اللهِ أولًا ثم بفضلِ قيادتِهَا الحكيمةِ ورجالِهَا الأبرار قادرةٌ على تحدِّي الصعابِ والوصولِ بهَا إلى برِّ الأمانِ، وخصوصاً والاستثمارُ حجةٌ مِن عواملِ تتيحِ الأممِ والشعوبِ.
وخصوصاً ونحنُ نعيشُ زمانًا تشعب وتوسّعَ فيهِ التسولُ ومَدِّ الأيدِي إلى الناسِ بصورةٍ مخزيةٍ من الرجالِ والشبابِ بل ومِن النساءِ ولا بشأنَ ولا قوةَ إِلّا باللهِ.
العنصر الأضخم من بيان يوم الجمعة القادمة
أولًا: دينُنَا يدعُو إلى الاستثمارِ.
أيُّها السادةُ: دينُنَا الحنيفُ تحفيزَّنَا وكلفَنَا بالاستثمارِ والعملِ والسعيِ في الأرضِ إلتماسًا للرزقِ وطلبًا للحلالِ وعدمِ التسولِ، وحظَّرَ مِن البطالةِ وخطورِهَا على الفردِ والمجتمعِ.
فالإسلامّ دينُ الاستثمارِ دينُ العملِ والاجتهادِ دينُ النشاطِ والحيويةِ دينُ القيادةِ والعطاءِ، دينُ السعيِ في الأرضِ بحثًا عن الرزقِ وطلبًا للحلالِ، وليس دينَ الكسلِ والخمولِ، صرحَ ربُّنَا ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾(التوبة:105)، والمسلمُ ما خُلِقَ ليكونَ عالةً، ولا ليكونَ نكرةً في الحياةِ، ولا ليغدوَ عطَّالًا بطَّالًا، فالمسلمُ هو العابدُ في مسجدهِ
والتاجرُ في سوقهِ، والبنّاءُ في أرضهِ، والمزارعُ في بستانهِ، والمستثمرُ في وطنهِ يملأُ الأرضَ عبادةً للهِ وعمارةً لأرضِ اللهِ، فهو كالغيثِ إذُمَا حدثَ نفعَ، يعملُ لأخرتِهِ كأنَّهُ سيموتُ غدًا، ويعملُ لدنياهُ كأنَّهُ يسكنُ أبدًا، والعملُ سرُّ المكوثِ، وروحُ النماءِ، وأساسُ التشييدِ، أفادَ جلَّ وعلا: ((هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ))(الملك: 15 )
والاستثمارُ مقصدٌ عظيمٌ ونبيلٌ مِن أعظمِ الأهدافِ وأنبلِهَا لعمارةِ الأرضِ، والاستثمارُ هو الجهدُ على إنماءِ المالِ والإسهامُ في عمارِ الكونِ والحياةِ، والاستثمارُ هو الزيادةُ والنماءُ واستغلالُ الطاقاتِ والإمكاناتِ المتاحةِ للإنسانِ وتوظيفُهَا تعيينًا مناسبًا أفادَ جلَّ وعلا((هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا(((هود: 61 ( .. وكيفَ لا ؟ والاستثمارُ بهِ تقومُ الحياةُ، وتُعَمَّرُ الديارُ، وتزدهرُ الأوطانُ، ويتمُ الاستقرارُ، أفادَ جلَّ وعلا: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الجمعة: 10]. وكيف لا؟ والاستثمارُ الشاملُ أُعِدَّ عبادةً يتقربُ بها المستثمرُ المسلمُ للهِ تعالى بعمارةِ الكونِ، فهو ينطلقُ مِن مفهومِ الاستخلافِ وفلسفتهِ في الصلةِ بينَ الإنسانِ
والكونِ ومالكهُمَا ربّ العالمين،قال جلَّ وعلا ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ﴾ (الأنعام: 165). وكيفَ لا؟ والإسلامُ ينظرُ إليه نظرةَ احترامٍ وتكريمٍ وإجلالٍ، لذا قرنَ اللهُ الشغلَ بالجهادِ في قولِهِ سبحانَهُ: ﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾(المزمل: عشرين). وكيفَ لا؟ والنبيُّ صلَّى اللهُ فوقه وسلم استثمرَ وتاجرَ بمالِ خديجةَ – رضي الله سبحانه وتعالىُ هلم عنها وأرضاهَا ـ فكانَ خيرَ تاجرٍ وخيرَ مستثمرٍ بأبي هو وأمي صلَّى اللهُ فوق منه وسلم.
وكيفَ لا؟ ونبيُّنَا صلَّى اللهُ فوقه وسلم صرحَ: (( اليدُ العُلْيَا خيرٌ من اليدِ السفلى، فاليدُ العليا هي المُنْفِقَةُ، والسفلى هي السائِلَةُ)رواه البخاري. وكيفَ لا؟ والمالُ عصبُ الحياةِ، ووسيلةٌ إلى مرضاةِ اللهِ ولا تستقيمُ أمورُ الشخصياتِ والجماعاتِ والأممِ إِلّا بهِ، لهذاَ نجدُ الأممَ تهتمُّ بهِ غرضَ الاهتمامِ، فتُضَعُ لهُ التشريعاتُ والقوانينُ والأحكامُ، وتُؤسسُ لهُ الوزاراتُ والمؤسساتُ والمصارفُ والبنوكُ، وتلك وهذه تُعْنَى بكلِ ما يصبح على علاقةُ بالمالِ مِن مواردَ ومصروفات، وبرامجِ التنميةِ والاستثمارِ، والحفظِ والادخارِ، بل ويُستخدَمُ الملكيةُ في رسمِ السياسات
وتحديدِ الأولوياتِ، والوصولِ إلى تقصيِ عارمِ المراداتِ، وجليلِ المقاصدِ، وقد سُمِّيَ الثروةُ ملكيةًا؛ لأنَّهُ يميلُ بالناسِ، ومع هذا فالناسُ إليهِ تميلُ، إلّا ذوي النفوسِ العارمةِ، والهممِ الخطيرةِ، فـ ( نعمَ الثروةُ الصالحُ للرجلِ الصالحِ)، فلنتسابقْ في ساحاتِ الجهدِ والاستثمارِ مِن أجلِ النهضةِ بوطنِنَا، والإنفاقِ في تطلعاتِ الجمهوريةِ والأمةِ، وليكنْ المالُ في أيدِينَا لا في قلوبِنَا فلقد كانَ أصحابُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم يتبارونَ على إجراءِ الخيرات
وعملِ الطاعاتِ، لا على جمعِ الملكيةِ، روى الإمامُ أحمدُ في مسندِه عن مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ يَقُولُ : ( بَعَثَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ” خُذْ عَلَيْكَ ثِيَابَكَ وَسِلَاحَكَ، ثُمَّ ائْتِنِي ” . فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَصَعَّدَ فِيَّ النَّظَرَ ثُمَّ طَأْطَأَهُ فَقَالَ : ” إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَكَ عَلَى جَيْشٍ فَيُسَلِّمَكَ اللَّهُ، وَيُغْنِمَكَ، وَأَرْغَبُ لَكَ مِنْ الْمَالِ رَغْبَةً صَالِحَةً ” . قَالَ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَسْلَمْتُ مِنْ أَجْلِ الْمَالِ، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ، وَأَنْ أَكُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقَالَ : ” يَا عَمْرُو نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ (( فالاستثمار طريق القيادة والنهضة