اكلات المولد النبوي الشريف في الجزائر 1442 .. يشترك الجزائريون عند إحيائهم المولد النبوي الشريف في طقوس ختان الأطفال والتصدق على المفلسين وزيارة ذوي القرابة وأضرحة الأولياء الصالحين وإعداد أطباق كلاسيكية تتفاوت من مساحة إلى أخرى.
اكلات المولد النبوي الشريف في الجزائر 1442
ويقول محمد بن مدور، المحقِّق في الإرث الثقافي ومسؤول الإعلام بالديوان الوطني لتسيير واستغلال الأملاك الثقافية المحمية بالجزائر، في اتصال تليفوني مع مراسل وكالة “الأناضول” إن الاحتفالات بالمولد النبوي في دولة جمهورية الجزائر قبل عشرات السنوات تميزت بزيارة ذوي القرابة والمقابر وأضرحة الأولياء الصالحين.
وشرح بن مدور أن العائلات كانت تراعي الحفاظ على الالتقاء لدى الجد العارم، وتأكل العشاء برفقته تقدير ومراعاةًا وتثمينًا له، مثلما يتلو الكبار والصغار كتاب الله الخاتم ليلة الاحتفال، وتوضع الحناء في أكفّ وأقدام الأطفال ذكورًا وبناتًا، وتحرص العائلات حتّى يرتدي أبناؤها لباسًا حديثًا.
ويشدّد محدثنا على القول بأن عادة تفجير المفرقعات التي نشهدها حالا تلك الحادثة ليست متأصلة بالمجتمع الجزائري، مبينًا أنها “عادة أتت مع الاستعمار الفرنسي”.
وأزاد أن الجزائريين “عهدوا خلال الفترة العثمانية وقبلها على إحياء ذلك اليوم المبارك بجميع سكون ووقار؛ تقدير ومراعاةًا للحبيب المصطفى محمد – عليه الصلاة والسلام – أما ما نراه اليوم من احتفالات صاخبة بالمفرقعات التي تخلف عشرات المصابين فلا رابطة له بموروث الجزائريين”.
وعن الاحتفالات بالمولد عبر ربوع دولة جمهورية الجزائر تقول سلمى، وهي من العاصمة، للأناضول إن العائلات في العاصمة تحضر طبق “الرشتة” باللحم، وتتعشى العائلات على ضوء الشموع، وتفطر فجرًا على طبق “الطمينة” بالقهوة، وهو طبق حلو بالدقيق.
و”الطمينة” يعدها الجزائريون مختلَفًا متى ما وهبهم الله مولودًا حديثًا، ويعدونه في المولد وكأنهم يقولون بأن محمدًا قد صبي مكررا في ذلك اليوم.
وتضيف أن العائلات بالعاصمة تزور مدفن “سيدي عبد الرحمن الثعالبي، وهو رجل دراية ودين، وتتصدق بقصاع من طبق الكسكسي الشعبي على المحتاجين الذين يقصدون قبر ذاك الولي في جميع واقعة”.
وأول ناد للساحرة المستديرة كرة القدم أسسه الجزائريون في فترة حكم الاستعمار الفرنسي هو “مولودية دولة جمهورية الجزائر” ويلقبه الجزائريون اليوم بـ”عميد الأندية”، وحمل الفريق اسم “المولودية” لتأسيسه في موقف المولد النبوي عام 1921، وما زال فريق المولودية ينشط إلى اليوم في بطولة منافسات الدوري، ويعد أضخم أندية البلاد جماهيرية.
وعن الاحتفالات بمدينة قسنطينة في شرق البلاد، تقول صليحة، وهي ربة بيت، إن العائلات تعد طبق “الشخشوخة” بلحم البقر، وتشعل الشموع في الليل، وتعطّر المنازل بالبخور، وتقام حلقات الذكر والدروس بخصوص حياة النبي في المساجد، مثلما تخضب أكف الأطفال بالحناء قبيل ختانهم سواء بأسلوب جماعي أو فرادى.
وفي مكان الأوراس بشرق البلاد ايضاًً، تنتشر عادة “الباندو”، إذ تجمع المرأة الأوراسية شجيرة ضئيلة وفيرة الأغصان، وتعلق على أغصانها رايات متنوعة الألوان، مثلما تعلق فوق منها خضر وفواكه تيمنا بعام مبتهج.
ويجلس الأطفال بخصوص الشجيرة، يستمعون لحكايات عن الإسلام قبل أن تخضب أكفهم بالحناء ثم يؤخذون إلى الختّان، ويطبخ طبقا “الشخشوخة” و”الرفيس” بتلك الحادثة.
أما بمدينة سيدي بلعباس بالغرب الجزائري فتستيقظ النسوة فجرا، ويطلقن زغاريد ذات بأس، إذ يعتقدن أن النبي كان ميلاده في تلك الساعة.
وتحتسب النسوة طبق “الشرشم”، وهو مزيج من القمح والحبوب تغلى في الماء المملّح، ويلبس الأطفال أحلى اللباس تمهيدا لختانهم، في حين ترتدي الفتيات تيجانا ذهبية اللون، وتطريب النسوة أغان تقول كلماتها “الدعاء والسلام عليك يا رسول الله.. التضرع والسلام عليك يا حبيب الله”.
وفي مساحة القبائل الجبلية في شمال في شرق دولة جمهورية الجزائر تتم إقامة عادة تدعى “أسنجاق” بمعنى “العَلَم” أو “الراية”، إذ يأخذ شبيبة المساحة عدد من الرماح وأعلاها رايات ملونة، وتروى قصة متوارثة عن سبعة رجال من المكان حجوا سبع مرات إلى مكة مشيا على الأقدام وعادوا وهم يحملون رماحا فوق منها رايات، وقد حافظ أهالي المساحة على تلك العادة، لتظل علامة فريدة لاحتفالاتهم.
وتبدأ الاحتفالات 15 يوما قبل يوم المولد النبوي، وتتصدّق العائلات بأموال يشترى بها بقرة أو كباش تذبح ويطبخ بلحومها طبق الكسكسي، يسمى لها الجميع مفلسين وأثرياء، حيث يحرص القاطنين على محو الفروق الاجتماعية في تلك الحادثة.
أما داخل حدود منطقة تمنراست، أعظم وأكبر نقطة في صحراء دولة جمهورية الجزائر بالجنوب، فتكون الاحتفالات بتلاوة القرآن وقراءة قصيدة “البردة” التي تحتفي بالرسول وتمدح خصاله.
ويقول، أحمد، وهو من قاطنين تمنراست للأناضول: “تُتلا البردة 15 يوما قبل المولد النبوي الشريف، تقرأها جماعتان في المساجد بين صلاتي المغرب والعشاء، مثلما يتلى كتاب الله الخاتم، أما العائلات الميسورة فتفتح بيوتها للفقراء والمساكين وعابري السبيل لإطعامهم وإكرامهم”.
وفي مساحة تيميمون الصحراوية ايضا (في جنوب)، يحيي الأهالي المولد على مدار أسبوع ويشار إليها باسم الاحتفالات “السّبوع”.
ويأسف الجزائريون لشيوع عادة تفجير المفرقعات في تلك الحادثة، إذ تخلف المفرقعات في تلك المناسبات مئات المجروحين، وتبلغ بين الحين والآخر إلى إلحاق أموات.
واعتادت وزارتا الأمور الدينية والصحة الجزائريتان على توجيه تحذيرات في مختلف مولد إلى الجزائريين لردع استخدام المفرقعات؛ حرصا على صحتهم.