لو جعل الله الناس جميعا مؤمنين لانتفت الحكمة من خلقهم، وابتلائهم … فمن الجدير بالذّكر أن أصل خلق الإنسان من الطين لأن النتفة طعام، والنطفة هي التي يطلع من السائل المنوي من الرجل إلى رحم المرأة، فتصبح علقة تلتصق برحم المرأة، ثم تصبح مضغة، ثم تتحول إلى كتلة تشبه رحم المرأة، وفي التتمة يموت الإنسان وبعد هذا يقيمه الله ويقيمه حمله المسؤولية عن أفعاله في الجنة أو الجحيم.

لو جعل الله الناس جميعا مؤمنين لانتفت الحكمة من خلقهم، وابتلائهم

إن بند لو جعل الله الناس معا مؤمنين لانتفت الحكمة من خلقهم، وابتلائهم: فقرة صحيحة، حيث تجدر الدلالة على أن خلق الإنسان أساسه تأدية العبادة، والحياة جعلها الله تعالى معبأة بالاختبارات التي يجهلها العبد.

ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أن تلك المهنة مخصصة للإنسان وأن على العبد أن يتبع سبيل العبادة المجهز بعلم يزيد من إيمانه والقوت إنه مما لا شك فيه في الله تعالى، ولذا دليل على وحدانية الله سبحانه وتعالى، وبركاته على الإنسان، حيث يقول تبارك وتعالى في محكم تحميله: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ*مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ*إِنَّ اللَّـهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)، وتحدث أيضًا: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ*خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ*اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ*الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ*عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ).

 

الحكمة من خلق الإنسان

لقد كان دافع خلق الإنسان مقر تساؤل بين الناس لفترة طويلة، وذهلت الأذهان للعثور على السبب الحقيقي لخلق الإنسان ونشأته، وحكمة كل الحياة بأيامها وسنواتها فيها العالم والفيلسوف والحكيم والعبقرية عملوا بجد وساهم الجميع في ذاك، غير أن الذهن وحده لا يستطيع الإجابة على ذاك السؤال لأنه بغض النظر عن مدى ذكائهم وفطنتهم، وثبت لهم الغاية من خلقهم، وتوجههم إلى الصراط المستقيم الذي يقودهم إلى النجاة الآخرة الغرض من الخلق كما جاء به الأنبياء والرسل عبر التاريخ؛ إنها عبادة الله وحده بلا شركاء، وجميع الشرائع مستمدة من ذاك المبدأ العظيم.

والخلق هو تحقيق خلافة المسلمين في الأرض، وأدائهم الصحيح في العبادة، وكل تلك الموضوعات تدخل في مفهوم عبادة الله تعالى وتوحيد الأرض وتحديد وجهتها نحو هذا المقصد الهائل إن الاستيعاب السليم للتشريع الإسلامي يتولى قيادة المرء إلى حقيقة أن عبادة الله تعالى لا تقتصر على الشعائر، لأن ليس كل من يعبد الله تعالى بطريقته فحسب عابداً، إلا أن هو جانب واحد فقط من جوانب الحكم والحكم له الاستسلام، وتشتمل على العبادة كل جهد يبذله من حيث هندستها المعمارية، فهي الوارث للأرض، ومن أنجز قصد الله سبحانه وتعالى أن يخلق الإنس حيثما يتقابل إيمان القلب ونشاط العمل في أمة.