لماذا يحتفل النصارى برأس السنة … ذلك السؤال الذي يُطرح كثيرا في كل عام طمعًا بمعرفة التبرير الكامن خلف احتفال أتباع الديانة المسيحية حول العالم برأس السنة الميلادية، رغم أنَّ المعروف أنَّ العيد المقدس عندهم هو عيد الكريسماس الذي يكون يوما ما السادس والعشرين من كانون الأول، وذلك الموضوع سوف يبدو السبب وراء احتفال المسيحيين برأس السنة، وسنسلط الضوء فيه على عدد محدود من المواضيع المرتبطة بتلك الشأن.
رأس السنة الميلادية
يمكن القول في توضيح مفهوم رأس السنة الميلادية بأنَّه اليوم الأضخم من السنة الميلادية وهو يوم 1 من شهر يناير الذي يُعد أول أشهُر السنة الميلادية الاثني عشر، ويُعدُّ ذاك اليوم يوم أجازة رسمية في متفاوت الشعوب والدول والأمم في العالم وتحديدًا هذه التي ملاحقة التغيير الغريغوري، إذ تُقام في ذلك اليوم الاحتفالات وتُطلق الأفراح بدخول العام الميلادي الجديد، وتُعدُّ الثانية التي تبدأ فيها السنة القريبة العهد لحظة مميزة تُطلق فيها الألعاب النارية وتُقام فيها أجواء الاحتفال الأصلية بدخول العام الميلادي الجديد، وجدير بالقول إنَّ اليوم الأول في العام الميلادية في التغيير اليولياني العتيق هو يوم إله المنافذ أو إله البدايات واسمه ليانوس.
أمَّا في التقويم الغريغوي الذي يليه أغلب شعوب العالم القبطي اليوم فإنَّ يوم الأول من شهر كانون الثاني وهو اليوم الأول من السنة الميلادية هو اليوم الذي تمَّ فيه ختان يسوع المسيح عيسى ابن مريم عليه أفضل السلام، وبينما يأتي سوف نتحدث عن لماذا يحتفل المسيحيين برأس السنة الميلادية في مختلف عام.
لماذا يحتفل النصارى برأس السنة
يحتفل النصارى برأس السنة الميلادية لأنَّه أول يوم من أيام السنة الميلادية، ولأنَّه اليوم الذي خُتن فيه يسوع المسيح وفق التصحيح الغريغوري؛ فتُوقف على قدميه الأفراح في ذلك اليوم فرحًا بدخول العام الميلادي الجديد، وتبدأ الاحتفالات في هذا اليوم في ليلة اليوم الأكبر من شهر كانون الثاني وهو اليوم الأكبر من أيام السنة الميلادية، وتحديدًا عند اللحظة التي تنتهي بها السنة الفائتة وتبدأ بها السنة الميلادية الجديدة.
حكم احتفال المسلمين برأس السنة
توميء غالية أقوال أهل العلم إلى تحريم الاحتفال برأس السنة الميلادية بالنسبة للمسلمين، وذلك لأنَّ الاحتفال برأس السنة الميلادية قضى خاص بالمسيحين المشركين، ولا يمكن للمسلم أن يساهم المشركين في أعيادهم، فالله تعالى ارتضى للمسلمين عيدين في السنة، وهما: عيد الأضحى وعيد الفطر، فعن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في حين ورد عن أنس بن مالك -رضي الله سبحانه وتعالى عنه- أنَّه قال: “قَدِمَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ ولهم 48 ساعة يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان؟ صرحوا: كنَّا نلعب فيهما في الجاهليَّة، فقال صلَّى اللهُ فوق منه وسلَّم: إنَّ الله قد أبدلكما بهما خيرًا منهما: يومَ الأضحى والفِطر” ونمر فيما يجيء على أقوال علماء الفقه والشرع في حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية:
أقوال العلماء في حكم الاحتفال برأس السنة
تحدث العدد الكبير من أهل العلم وأهل الفقه والشرع والإفتاء عن قضية احتفال المسلمين برأس السنة الميلادية، ومن أشهر ما ورد من أقوال في تلك الأمر ما سيأتي:
- قال ابن الحاج وهو أحد أئمة الفقه المالكي:
الْكَلَامُ عَلَى الْمَوَاسِمِ الَّتِي اعْتَادَهَا أَكْثَرُهُمْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا مَوَاسِمُ مُخْتَصَّةٌ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، فَتَشَبَّهَ بَعْضُ أَهْلِ الْوَقْتِ بِهِمْفِيهَا، وَشَارَكُوهُمْ فِي تَعْظِيمِهَا، يَا لَيْتَ ذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي الْعَامَّةِ خُصُوصًا، وَلَكِنَّك تَرَى بَعْضَ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَى الْعِلْمِ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي بَيْتِهِ وَيُعِينُهُمْ عَلَيْهِ وَيُعْجِبُهُ مِنْهُمْ، وَيُدْخِلُ السُّرُورَ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ فِي الْبَيْتِ مِنْ كَبِيرٍ وَصَغِيرٍ بِتَوْسِعَةِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ عَلَى زَعْمِهِ، بَلْ زَادَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُمْ يُهَا دُونَ بَعْضَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي مَوَاسِمِهِمْ، وَيُرْسِلُونَ إلَيْهِمْ مَا يَحْتَاجُونَهُ لِمَوَاسِمِهِمْ فَيَسْتَعِينُونَ بِذَلِكَ عَلَى زِيَادَةِ كُفْرِهِمْ، وَيُرْسِلُ بَعْضُهُمْ الْخِرْفَانَ وَبَعْضُهُمْ الْبِطِّيخَ الْأَخْضَرَ وَبَعْضُهُمْ الْبَلَحَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ فِي وَقْتِهِمْ، وَقَدْ يَجْمَعُ ذَلِكَ أَكْثَرُهُمْ، وَهَذَا كُلُّهُ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ الشَّرِيفِ.
- قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهْنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنّأ عبداً بمعصية أو بدعة، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه.
- قال ابن تيمية شيخ الإسلام رحمه الله:
موافقة الكفار في أعيادهم لا تجوز من طريقين: الدليل العام، والأدلة الخاصة: أما الدليل العام: أن هذا موافقة لأهل الكتاب فيما ليس من ديننا، ولا عادة سلفنا، فيكون فيه مفسدة موافقتهم، وفي تركه مصلحة مخالفتهم، لما في مخالفتهم من المصلحة لنا، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) فإن موجب هذا تحريم التشبه بهم مطلقا، وكذلك قوله (خالفوا المشركين)، وأعيادهم من جنس أعمالهم التي هي دينهم أو شعار دينهم، الباطل، وأما الأدلة الخاصة في نفس أعياد الكفار، فالكتاب والسنة والإجماع والاعتبار دالة على تحريم موافقة الكفار في أعيادهم