قصة 27 رجب … لاشك أنه أحد الأسرار الخفية عن ليلة من أهم الليالي لدى المسلمين، وتبدأ ليلة الإسراء والمعراج كل عام من مغرب يوم 26 من رجب وتنتهي ليلة الـ27 من شهر رجب، صبيحة يوم 27 رجب، وحيث تعَود المسلمون على إحياء هذه الذكرى، بل علمنا بموعدها لا يقصد بالضرورة معرفة جميع الأشياء عنها، فلازلنا لا نعرف لماذا وقع الإسراء والمعراج بالليل بمثابها هذه المعجزة الربانية

التي اختار الله تعالى لها رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- دون بقية الأنبياء، وفيها اطلع على كميات وفيرة من وجّه الغيبية مثل الجنة والنار والملائكة وغيرها، ومن هنا يقتضي الوقوف لدى سر لماذا حدث الإسراء والمعراج في الليل الذي خفي عن العديد كأحد أسرار سفرية الإسراء والمعراج، والتي كانت مواساة للنبي -صلى الله عليه وسلم- وتكريما له؛ لذلك نطرح السؤال لماذا حدث الإسراء والمعراج ليلا تلك الهدية ربانية العظيمة لعلنا نغتنم فضلها.

قصة 27 رجب

لماذا وقع الإسراء والمعراج بالليل، ورد أنه أفاد الطبيب علي جمعة، مُفتي الجمهورية السالف وعضو منظمة كبار علماء الأزهر الشريف، إنه بينما ورد في السُنة النبوية الشريفة، أن ثمة خمسة عوامل لجعل الله تعالى معجزة الإسراء والمعراج تحدث في الليل دون النهار.

وشرح «جمعة» في إجابته عن سؤال : لماذا وقع الإسراء والمعراج في الليل، أن أول الأسباب لجعل سفرية الإسراء والمعراج بالليل: أن الليل هو وقت الخلوة والاختصاص، وثانيها أنه وقت الصلاة التي كانت مفروضة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وثالثًا ليصير أبلغ في الإيمان بالغيب، وابعًا أن الليل دكان المواجهة بالأحباب، وخامسًا لإبطال قول الفلاسفة بربط الظلمة بالشر.

لماذا وقع الإسراء والمعراج ليلا، ورد في «الإسراء والمعراج للسيوطي»، عن ابن المنير: إنما كان الإسراء بالليل لأنه وقت الخلوة والاختصاص عرفًا، ولأن وقت التضرع التي كانت مفروضة أعلاه في كلامه تعالى: «قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا» الآية 2 من سورة المزمل، وليكون أبلغ للمؤمن في الايمان بالغيب وفتنة للكافر ولأن الليل دكان المؤتمر بالأحباب.

لماذا حدث الإسراء والمعراج بالليل، أفاد ابن دحية: ولإبطال قول الفلاسفة: إن الظلمة من شأنها الاهانة والشر، وكيف يقولون ذلك على الرغم من أن الله تعالى أكرم أقواما ليلا بأنواع الكرامات كقوله في حكاية ابراهيم: «فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ» الآية 76 من سورة الأنعام، وفي لوط: « فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ » الآية 81 من سورة هود.

لماذا حدث الإسراء والمعراج ليلا : وفي موسى: « وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً» الآية 142 من سورة العادات، وناجاه في الليل وأمره بإخراج قومه بالليل في قوله: «فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ» الآية 23 من سورة الدخان، استجاب تضرع يعقوب فيه وهو المراد في قوله: « سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» الآية 98 من سورة يوسف.

لماذا وقع الإسراء والمعراج في الليل، أجاب الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفهية بدار الإفتاء، بأن سفرية الإسراء والمعراج كانت ليلًا حتى تظل اختبارًا وفتنة، مشيرًا حتّى كلمة «ليلًا» وردت بالآية الأولى من سورة “الإسراء” للتأكيد.

ولفت «عويضة»، في إجابته عن سؤال لماذا حدث الإسراء والمعراج بالليل، إلى أن رحلة الإسراء والمعراج كانت ليلًا، لاختبار قريش وإيضاح صدق الصادقين، منوهًا بأنها لو قامت بالنهار ورأوا البراق، لما كانوا ليؤمنوا، كما أن الليل هو دكان القرب من الله تعالى فقال عنه: «إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا»، والله إيتي إذا ما أراد أن يتجلى، تجلى على عباده ليلًا، الذين يرفعون له أيديهم ويقفون بين يديه، موضحًا أن الليل دكان تعظيم من الله سبحانه وتعالى، ومحل القرب من الله ومحل التجلي للمولى على عبده، فدائمًا يتقابل الأحباب فى الظلام.

لماذا حدث الإسراء والمعراج ليلا ؟، الحكمة من جعل الله تعالى سفرية الإسراء والمعراج ليلًا، بأنها جبر لخاطر الليل لأنه خلقه مظلمًا، وجعل النهار مبصرًا، فشرف الليل بنزهة النبي محمد -عليه الصلاة والسلام – إلى سدرة المنتهى وبهذه المعجزة الربانية

لما ورد في كتاب «سُبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد -صلى الله عليه وسلم-» للإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي: «وكان الإسراء والمعراج ليلًا، لأن ابن عباس -رضي الله سبحانه وتعالى عنهما- يقول إن الله -سبحانه وتعالى- أفاد في القرآن الكبير: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ ۖ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً» (سورة الإسراء: 12)، فلما محا الله سبحانه وتعالى آية الليل وجعل آية النهار مبصرة، انكسر الليل، فجبر الله -سبحانه وتعالى- بخاطر الليل، فجعل فيه الإسراء والمعراج بسيدنا محمد رسول الله -عليه الصلاة والسلام».