شهر شعبان خطب جمعة … إن الشكر لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله أعلاه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى أثره بإحسانٍ إلى يوم الدين، أما حتى الآن:
شهر شعبان خطب جمعة
فاتقوا الله أيها المؤمنون، اتقوا الله تعالى وابتغوا مرضاته واسعوا بينما يقربكم إليه؛ فإن ذاك من تقواه التي أمركم الله سبحانه وتعالى بها ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ آل عمران:102، الله مع المتقين قال جل في علاه: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ التوبة: 36، فليكن لديكم درايةٌ أيها المؤمنون أن المعونةَ من الله والتوفيق والتسديد تتدنى بحسب التقوى، فكل ما ازداد نصيب العبد من تقوى ربه كانت معية الله تعالى له أعظم فوزًا وتسديدًا وحفظًا ونصرًا وتوطيدًا، اللهم اجعلنا من عبادك المتقين وحزبك المفلحين وأوليائك الصالحين.
أيها المؤمنون, قال الله تعالى:﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ﴾ البقرة:197، وخير ما يتزود به إليه: ما قضى به جل في علاه من الفرائض والواجبات وما ندب إليه من المستحبات، و كان قد رسول الله صلى الله أعلاه وعلى آله وسلم شتماقًا إلى كل خير، مبادرًا إلى كل بر، لم يدع بابًا من أبواب الخير سوى طرقه ولا خصلة من خصال البر سوى إنتهاج بها صلى الله وعليه وسلم، ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ الأحزاب:21، فبادروا الصالحات؛ فإن الإنسان لا يدري ما تعرض له من الموانع والشواغل والعوارض، فبادروا الصالحات بعملها والإتخاذ بها في مختلف باب من أبواب البر من الصلاة والزكاة والصوم والحج وعموم أبواب البر التي هي حقه أو حق عباده.
كان رسول الله صلى الله فوقه وعلى آله وسلم يُكثر العبادة في جميع أحيانه وأوقاته فيقوم الليل حتى تتفطر قدماه ويصوم حتى يقال لا يفطر، ويفطر حتى يقال لا يصوم هكذا كان ـ صلى الله وفوقه وسلم ـ في الماتش إلى كل بِر.
ومما أكثر ـ صلى الله وعليه وسلم ـ فيه الصوم شهر شعبان فكان ـ صلى الله وفوقه وسلم ـ “يصوم شعبان كله” مثلما أتى في بعض القصص، وكان “يصوم شعبان كله سوى قليلاً ” مسلم(1156) وذلك هو الثابت عنه ـ صلى الله وأعلاه وسلم ـ أنه كان يفطر قليل من ذاك الشهر ويصوم أكثره ـ صلى الله فوقه وآله وسلم ـ فينبغي للمؤمن أن يُبادر إلى تلك السُنة وأن يُكثر من صوم ذلك الشهر ما تمَكّن بحسب طاقته، فمن كان يمكنه أن يقوم بصيام أكثر فليفعل، ومن كان له عادة في صوم أيام معدودة كأن يقوم بصيام ثلاثة أيام من شهرياً فليزِد في هذا الشهر شيئًا من الأيام حتى يطابق سنة سيد الأنام من أنه صلى الله وفوق منه وسلم كان أكثر ما يكون صومًا في شعبان.