خطبة اول جمعة في رمضان محمد حسان .. هذه خطبة كيف نستقبل رمضان للشيخ محمد حسان مكتوبة وتتناول 5 محاور وهى رمضان شهر التوبة والإنابة، تنزل الرحمات في رمضان، وجوب المحافظة على دعاء الجماعة، رمضان شهر الإنفاق، الحرص على الخير والإكثار منه لاسيما في شهر الخير.
خطبة اول جمعة في رمضان محمد حسان
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]..
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]..
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحوار كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد عليه الصلاة والسلام، وشر الموضوعات محدثاتها، وكل محسنة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أحبتي في الله
نحيي اليوم ضيفاً كريماً قد إنخفض بنا، إنه مدعو عزيز كريم مبارك، قد أهل علينا بأنفاسه الخاشعة الزكية، ورحماته المبروكة الندية.
إنه شهر القرآن، إنه شهر القيام والصيام، إنه شهر الجود والبر والإحسان والعتق من النيران، إنه شهر رمضان.
رمضان شهر التوبة والإنابة
أيها المسلم.. أيتها المسلمة..
إن أهل الباطل يخططون لكم من قبل رمضان؛ ليشغلوا أوقاتكم بالمسلسلات الفاجرة، والأفلام الداعرة، والفوازير الخليعة الماجنة.
فاحذر من أهل الباطل، وتب إلى الله من هذه اللحظة وأنت جالس في موضعك، وارفع أكف الضراعة إلى الله بقلب خاشع منيب أواب، واسأله أن يغفر لك جل وعلا ما غادر من الذنوب والآثام.
واعرف بأن الله عز وجل سيفرح بتوبتك، وسيفرح بعودتك، وهو الغني عن العالمين الذي لا تنفعه الطاعة، ولا تضره المعصية.
فيا ذو الخطايا أين الدموع الجارية؟
يا أسير الذنوب ألا تبكي على الذنوب الماضية؟
يا متجرئاً على الله ألا تخشى من هول القيامة؟
يا أسير الذنوب ابك على ذنبك الآن، يا أسير المعاصي ابك على خطيئتك الآن، وتب إلى الرحيم الرحمن جل وعلا.
فورب الكعبة ما من يوم يجتاز علينا سوى ويتنزل الملك جل جلاله إلى السماء الدنيا، تنزلاً يليق بكماله وجلاله، والعصري رواه البخاري ومسلم من عصري أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام أفاد:
(يتنزل جل وعلا كل ليلة إلى السماء الدنيا إذا غادر ثلث الليل الأول، ثم يقول جل وعلا: أنا الملك، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له، من ذا الذي يستغفرني فأغفر له، من ذا الذي يسألني فأعطيه، حتى يضيء الصباح)
فالله ينادي عليك كل ليلة أيها الحبيب والله ينادي عليك أيتها المسلمة ويقول جل وعلا:
(من ذا الذي يدعوني فأستجيب له)
فهل يجدك الله وقد وضعت أنفك وجبينك في التراب ذلاً لخالقك؟ أم سيراك الله أمام التمثيليات؟ أم سيراك الله أمام الفوازير؟ أم سيراك الله في مواجهة الأفلام؟
يا عبد الله والله إن العمر قصير، وإن الزمان طفيف، وإن أقرب غائب تنتظره هو الموت، فكم قامت بوداع من أحبابك وإخوانك في الأيام الماضية إلى القبور؟ ذهب الأحباب وذهب الأخلاء، وأنت قدر الله لك أن تسكن إلى رمضان، ولا لديها ولا تصون أن تقطن إلى رمضان القادم
فهيا أيها الحبيب تب إلى الله، ففي صحيح مسلم ومسند أحمد من حوار والدي موسى الأشعري أنه عليه الصلاة والسلام قال:
(إن الله سبحانه وتعالى يبسط يده في ساعات الظلام ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده أثناء النهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها) أي: حتى يأذن الله جل وعلا لمراحل الساعة الكبرى فتبدأ، ومنها: طلوع الشمس من مغربها، وإذا طلعت الشمس من مغربها وقعت الإشارات الكبرى للساعة وللقيامة
أيها الحبيب
هل تعلم أنك إن تبت إلى الله فرح الله بتوبتك؟
أفاد جل وعلا: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53].
وفي الصحيحين من عصري أنس بن مالك أنه صلى الله عليه وسلم قال:
(لله أفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه راحلته وعليها التغذية والمشروب، فأيس من راحلته، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها وقد أيس من راحلته، وفيما هو كذلك حيث به يرى راحلته قائمة لدى رأسه، فقال: اللهم لك العرفان، أنت عبدي، وأنا ربك يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: أخطأ من صرامة الفرح)
فالله يفرح بتوبتك وعودتك أعظم وأجل من فرحة ذلك العبد برجوع راحلته إليه مرة أخرى.