خطبة عن الزكاة والصدقة في رمضان .. الحمد لله الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى. والصلاة والسلام على نبينا محمد، الرحمة المهداة والنعمة المسداة. فصلوات الله وسلامه فوقه.

أما بعد، فيا عباد الله ﴿اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.

خطبة عن الزكاة والصدقة في رمضان

الخطبة الأولى

أيها الصائِمون؛ ذلك شهر الجود والعطاء والبذل والمسابقة في الخيرات والتقرب إلى رب الأرض والسماوات. ومن ذاك أن يجود الإنسان بماله وبما أكرمه الله ﷻ به. واعلموا -يا رعاكم الله- أن أجدر ما يتقرب به العبد إلى مولاه ما أوجبه الله ﷻ عليه في ثروته. مثلما جاء في الحديث القدسي في البخاري ﴿وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي الأمر الذي افترضت فوقه﴾.
الزكاة

ومن أعظم الإجراءات التي يقوم بها المسلم. إلا أن هي ثالِث زوايا الإسلام، الزكاة يا أمة الإسلام. قال الله ﷻ في سورة البقرة ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَقادمُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾.

وتحدث ﷻ في سورة التوبة ﴿فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَقادمَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّين﴾.

وصرح ﷻ ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَقادمُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾.

وجاء في الصحيحين من عصري ابن عمر أن النبي ﷺ أفاد «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام التضرع، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان».

وقد اقترنت الزكاة بالصلاة في القرآن بتسع وعشرين مقرا. وهذا يدل على أهميتها ورتبتها ومنزلتها.

قال أبو بكر: والله لأقاتلن من هربَّق بين التضرع والزكاة.

وأجمع المسلمون على وجوبها. فيجب على الإنسان أن يبادر في أداء زكاته. إذا ملك نصابا وحال أعلاه الحول. ولا يجوز تأجيل الزكاة عن زمانها سوى لعذر. ويجوز تقديمها للحاجة. وإذا قدَّمها للحاجة وأن يدركها الفضيل فلا شك أن ذاك لا حرج فيه ولا وجع. لا سيما أنكم تعلمون -يا رعاكم الله- أن الإجراءات الصالحة تُضاعف في المكان الفاضل وفي الزمن الفاضل كمكة وفي رمضان.

فلو رِجل الإنسان زكاته لوجود حاجة وحتى يدرك هذا الشهر. فلا كرب ولا حرج أعلاه في ذاك.

وعلى الإنسان الذي يرغب إخراج ثروته أن يحدد له يوما في العام. فهذا أدق في إخراج الزكاة. لأنه قد يصعب على الإنسان أن يسجل كل ما دخل أعلاه من ثروة. وإذا حال فوق منه الحول ووصل نصابا أن يخرجه فربما يمض فوق منه الزمن.

وكان المسلمون يستحبون أن يحددوا يوما في السنة ينظر ما لديهم من الأموال. ينظر الإنسان إلى ما يملك من النقود في البنك، وأيضا ينظر إلى عروض التجارة كالأسهم للمضاربة، وايضاً ثروته عند الناس. والذي عند الناس لا يخلو إما أن يكون لدى واحد باذل؛ إذا طلبت مالك أعطاك. فهذا تجب فيه الزكاة.

ولك في إخراجها طريقتان:

الأولى: أن تخرج سنويا بوقتها.
والطريقة الثانية: إذا قبضت الملكية أن تطلع الزكاة عن السنين السابقة.

وإما أن تكون على واحد مماطل أو معدوم؛ لا يمكن له. فهذا لا يُزكَّى إلا إذا قبضته ولو مضى فوق منه سنوات طويلة؛ فإذا قبضته تغادر زكاة سنة.

فعلى الإنسان -أيها المسلمون- أن يجتهد ويتحرى في زكاته. ولا يعطيها إلا لمن يستحقها. لأن الزكاة حددها ربنا ﷻ؛ فقال الله ﷻ ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.

عليم ﷻ فيمن أداها واجتهد في أدائها. وحكيم فيمن تُعطى إليه الزكاة.

فعلى الإنسان -أيها المسلمون- أن يتحرى زكاة ماله. والمؤسسات والشركات والأفراد. إذا أدوا زكاة مالهم إلى الجانب التي وضعها ولي المسألة فإنها تبرأ في هذا ذمتهم. فإذا إطمئنان الإنسان زكاته إلى الهيئة العامة للزكاة والدخل سواء من الشركات أو الشركات أو الأشخاص فإنه تبرأ بذمته.

وعلى الإنسان أن يُعطي من هو أقسى طلب، ويحرص أن يتفقد الفقراء والمساكين. ولا ينسى الأقارب. فبعض الناس ينسى الأقارب. فالصدقة للفقراء من بينهم صدقة وصلة.

فعليك أخي المسلم أن تتفقد ذوي القرابة الفقراء. قد يكون عندك من الأقارب من هو بحاجة ماسة غير أنه يتعفف ولا يبدي حاجته إليك.