خطبة عن الزكاة للشيخ عبد الرزاق البدر .. إنَّ الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، له العرفان وله الميزة؛ فالحمد لله الذي جعل الزَّكاة ركنًا كبيرًا في الإسلام، وشعيرةً ظاهرةً لأهل الإحسان، وعلامة تفرق بين النفاق والإيمان، وصلِّ اللهم وسلّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.

خطبة عن الزكاة للشيخ عبد الرزاق البدر

عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتَّقوا الله حقَّ تقاته ولا تموتنَّ إلَّا وأنتم مسلمون، يقول الله -هلم-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)

الخطبة الأولى

أيُّها المسلمون، إنَ الله -هلم- قد جعل للإسلام زواياًا وأعمدةً لا يهُمُّ إلَّا فوق منها؛ ومن هذه الأركان التي فرضها الله على عباده ركن الزَّكاة، فرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم – يقول: (بُنِيَ الإسْلامُ علَى خَمْسٍ، شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصَوْمِ رَمَضانَ)،[٣] فعدَّ رسول الله -صلّى الله أعلاه وسلّم- الزَّكاة ركنًا حين صرح “وإيتاء الزكاة”، ومعنى ذلك أنَّ الإسلام لا يهُمُّ إلَّا بها.

وقد كان رسول الله -صلَّى الله فوقه وسلَّم- حريصًا إلى أن يُبيِّن للمسلمين ميزة الزَّكاة؛ ولقد أتى في السُّنَّة الشريفة أنَّه لمَّا أرسل رسول الله -صلَّى الله فوق منه وسلَّم- الصحابيَّ الجليل معاذ بن منطقة جبلية -رضي الله عنه- إلى جمهورية اليمن قال له: (إنَّكَ تَقْدَمُ علَى قَوْمٍ أهْلِ كِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أوَّلَ ما تَدْعُوهُمْ إلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ، فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ، فأخْبِرْهُمْ أنَّ اللَّهَ قدْ فَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في يَومِهِمْ ولَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا، فأخْبِرْهُمْ أنَّ اللَّهَ فَرَضَ عليهم زَكَاةً مِن أمْوَالِهِمْ وتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِذَا أطَاعُوا بهَا، فَخُذْ منهمْ وتَوَقَّ كَرَائِمَ أمْوَالِ النَّاسِ).

واعلموا أيُّها الأخوة أنَّ إسلام المرء لا يكون مكتملًا ولا كامِلَّاً حتى يؤدي زكاة ممتلكاته؛ فقد قال -تعالى-: (فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَقادمَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ۗ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)فمن لم يؤدِّ فريضة الزَّكاة لا يكون ممَّن دخلوا في رابطة أخوة الدين.

أيُّها الأفاضل، اتَّفق فقهاء الأمَّة الإسلاميَّة على أنَّ المُنكِر والجاحد لوجود إلزام الزَّكاة يُعدُّ كافرًا، وقد أجمع العلماء حتّىَّ القوم الذين يتفقون ويجتمعون على عدم إخراج الزَّكاة واجبٌ على حاكم المسلمين قتالهم حتى يعودوا إلى تعاليم الإسلام وتأدية أوامره واجتناب نواهيه، فقد قاتل خليفة المسلمين الصِّديق -رضي الله عنه- الذين منعوا الزَّكاة وحبسوها وتحدث: “واللَّهِ لو مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ علَى مَنْعِهَا. قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: فَما هو إلَّا أنْ رَأَيْتُ أنَّ اللَّهَ شَرَحَ صَدْرَ أبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه بالقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أنَّه الحَقُّ”