خطبة أول جمعة بعد عيد الفطر .. هي من الخُطب المميّزة في عُمر هذا الشَّهر إذ يحرص الأئمة وخُطباء المَساجد في تلك يوم الجمعة على تسليط الضّوء على عدد ممتد من النّقاط المُهمّة، التي تزيد من عزيمة المُسلم

وتُرسّخ من ثباته على الطّاعات التي ودّعَ بها شهر رمضان، وعبر موقع القلعة، نقوم على طرح كلام يوم الجمعة لأول شهر شوال، في إطار مقالنا الذي نتحدّث فيه عن خطبة الجمعة في الأولى في أعقاب رمضان لسنة 1443.

خطبة أول جمعة بعد عيد الفطر

تنطلق أهميّة شهر شوّال من كونه من واحد من الشّهور المُباركة في العام الهجريّة للمُطمأنينة، ومن كونه الشّهر الذي يشهد المُسكينة مع مَطلعه حادثة عيد الفطر السّعيد التي يختتم بها شهر رمضان المُبارك، فهي فَرحة الصّائم الأولى، فيحرص الأئمة على توجيه عامّة المُسلمين للثَبات على طاعات شهر رمضان، والثّأمسى على هذه الإجراءات المُباركة التي نصل بها إلى الله حتى الآن رمضان، وجاءت بحسب القادم:

خطبة أول جمعة من شوال كاملة

“إنّ العرفان لله رب العالمين نحمده ونستعين به ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله سوى الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، وصفيّه وخليله، خير برقيةٍ إلى العالمين أرسله، اللهم صلّ على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه الطيّبين الطاهرين أجمعين، أمّا بعد”

إخوة الإيمان، كلّ عام وأنتم بخير مع فرحة عيد الفطر التي تحملها لنا يوم الجمعة الأولى من شهر شوّال، فهو شهر عارم الشَّأن لدى جميع المُسلمين، وقد استقبلته تلك الجُموع بكثير من الفَرحة والسّرور، فهي شَعيرة كبيرة جدا حَرص السّلف على تَعظيمها، لأن تعظيم طقوس الله واحدة من إشارات سلامة قلب المُسلم، وسلامة فطرة الإيمان التي زرعها الله في صُلبه

فافرحوا واستبشروا الخير، وكونوا عبادًا لله حريصين على طاعته، لأن طاعة شهر رمضان لا تنتهي بنهاية هذا الشّهر، وإنّما طاعة الله متبقية إلى أن الأبد، فقِراءة القرآن متبقية، وقيام الليل متبقيٍ وصيام التطوّع باقٍ، فمن كان حَزينًا على فِراق رمضان فليحرص على أن يُعمر مهجته بلتك الطّاعات، فلا نخرج من هذه المدرسة بذات التّفكير الذي كُنّاه قبله، لأن مدرسة رمضان هي المدرسة التي تخرّج منها كِبار الصّحابة -رضوان الله عليهم- وهم خيرة خلق الله، من جابوا الأرض طولًا وإظهارًا رافعين لرايتة التّوحيد

وهُم الفائزون في الدّنيا، والغانمون في يوم القيامة، فلا يُفتن الإنسان المُإطمئنان في أعقاب انقضاء تلك المدة الدينيّة من عُمر الشّهر الفضيل، وإنّما يتكاثر قربًا بالله، وحبّا بطاعاته، قال إيتي:”وسارعوا إلى مغفرةٍ من ربِّكم وجنَّةٍ إيضاحُها السَّماوات والأرض أعدَّت للمتَّقين * الذين ينفِقُونَ في السَّرَّاء والضَّرَّاء والكاظمين الغيظ والعافين عن النَّاس واللّه يُحبُّ المحسنين * والذين إذا فعلوا فاحشةً أو ظلموا أنفسهم ذكروا اللّه فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذُّنوب سوىَّ اللّه ولـم يُصرُّوا على ما فعلوا وهم يعلمون * أولئك جزاؤهم مغفرةٌ من ربِّهم وجنَّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجرُ العاملين”

فاصرفوا أذهانكم مع جمعتكم الأولى عقب رمضان عن الدّنيا الفانية، ووجّهوا أنظاركم إلى ما فيه الخير، وكونوا عباد الله إخوانا، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فيا انتصارًا للمُستغفرين، أستغفر الله.

خطبة أول جمعة من شوال مختصرة

“إنّ الحمـد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، اللهم صلّ على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه الطيّبين الطاهرين أجمعين، أمّا عقب”

عباد الله، إنّ الاستقامة على طاعة الله هي واحدة من النِسيطر الجَزيلة التي يتوجّب أن نراعي الحفاظ على طلبها بالدّعاء إلى الله، وهي أحد الأمور التي تثبت أن إرادة الخير للعبد، فمن أراد الثّأصبح على الطّاعة وصدق النيّة في تلك الرّغبة مع الله، فإنّ الله يرزقه تلك النعمة لتغدو زاده على الدّنيا وعلى فتنها التي لا تنْفذ

واستنادًا على ذاك حرصَ حبيبكم المصطفى على دعاءه” اللهم يا مقلّب القلوب ثبّت فؤادي على دينك، فتسمية القلب قد جاءت من التقلّب، فاحرصوا إخواني إلى أن تكونوا ممّن استقاموا على طاعة الله، فلا يخون الإنسان المُإطمئنان عهده مع الله، ذلك الذي عاهده إيّاه مع شهر رمضان، فالمُسكينة الحريص على طاعة الله في رمضان، يتوجّب أن يرعي الحفاظ على تلك الطّاعة بعده، لأن من يعبد الله في رمضان فإنّ رمضان يمُر، ومن يعبد الله العزيز الجبَّار

فإنّ ربّ رمضان باقٍ على أن الأبد، أفاد تعالى:” إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (*) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (*) نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ

 

فما أجمل الحسنة التي اتباعها الحسنة، وما أقبح السيئة عقب الحسنة فلا تضيّعوا ما كسبتم من الخير، ولا تعودوا حتى الآن الإيمان يضرب بعضكم أعناق قليل من، ولقد قيل جوهرَشر الحافي: “إن قوما يتعبّدون في رمضان، ويجتهدون، فإذا انسلخ رمضان تركوا، قال: بئس الأناس لا يعرفون الله سوى في رمضان، والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

خطبة مؤثرة في أول جمعة من شوال مكتوبة

“إنّ الشكر لله إمتنانًا يُوافي نعمه ويجافي نقمه ويكافي مَزيده،حمدًا يليق بجلال وجهه وضخم سلطانه، اللهم صلّ على سيدنا محمّد وعلى آل سيّدنا محمّد مثلما صلّيت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيّدنا إبراهيم، وبارك على سيّدنا محمّد وعلى آل سيّدنا محمّد مثلما باركت على سيّدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، في العالمين إنّك حميدٌ مجيدٌ برّ، وارض اللهمّ عن الصحابة والتابعين ومن والاهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين، وبعد”

عباد الله، إنّ واقعة العيد الصغير التي منَّ الله عليكم بنفحاتها مع يوم الجمعة الأولى من شهر شوّال هي إحدى المناسبات الهائلة التي صبر بين طيّاتها عدد فضفاض من الرّسائل، ففرحة العيد هي الفرحة الأولى التي أعدّها الله جلّ في عُلاه لكلّ صائم كان من الحَريصين على صيامهم، ومن العَاملين على هذه الطَّاعات في شهر رمضان

لتصير البُشرى الأولى من الله تعالى، ليتعرّف المُطمأنينة على بُشراه الثانية التي أعدّها له الله، يوم المحفل، فهي الجائزة الأضخم، يوم يفرح المُسكون بذاك المؤتمر، فيكون له نصيب للدخول إلى جنّات الله من باب الرّيان الذي أعدّه الله لكلّ صائم، فلا يدخل منه أحد سِواكم، فاحرصوا على تحرّي الخير، فأنتم ممّن اختارهم الله وهداهم للإسلام

وجعلهم من أمّة سيّدنا محمّد -صلّى الله فوق منه وسلّم- التي لن تضل طالما هي ملتزمة بكتاب الله وسنّة نبيّه المُصطفى، عباد الله، في الأمس مع رمضان كانت تلك المساجد مليئة ومزدحمة بجموع المصليّن، وقد ارتقت إلى الله سبحانه وتعالى بتلاوة القرآن الحكيم، وترتيل آيات الذّكر، ولذا هو هُدى الله الذي يزيد عن الدّنيا وما فيها

فلا نعود حتى الآن تلك الهِداية، حجودًُا بنعمة الله، وبفضله علينا -عباد الله- لا تعرضوا عن طاعة الله بعد أن أقبلتم عليه، فقد كنتَ يا أخي المُسلم في شهر رمضان حريصًا على الصّيام، مُتحقيقًا الخير في تصليح هذه الطّاعة لتصير في أحسن أحوالها، فلا تتخلّى عن ذلك الحِرص، فربُّ رمضان هو ربّنا الأعظم في جميع الشّهور والأيّام

ومن أمرنا بصيام رمضان وطاعة رمضان هو من أمرنا بالثّأمسى على طاعاته في جميع الأيّام، فلا نكون ممّن يؤمنون ببعض الكِتاب ويكفرون ببعض.

عباد الله أوصيكم ونفسي المذنبة بتقوى الله سبحانه وتعالى، وأحثّكم على طاعته وحُسن عبادته، وأحذّركم وسحيقَ عصيانه ومُخالفة طالبه، فمن يعمل مِثقال ذرّةٍ خيرًا يره، ومن يعمل مثقالَ ذرّةٍ شرًا له، وما لدى الله خيرٌ وأبقى، أقول قولي ذلك وأستغفر الله لي ولكم، فيا انتصارًا للمُستغفرين.