خطبة عن عيد الاستقلال الأردني 2022-2023 … الحمدلله لله رب العالمين، الحصان الكريم، بيده الخير، وإليه المصير، وهو على جميع الأشياء قدير. نحمده سبحانه وتعالى ونشكره وهو المستحق لجميع شكر وثناء وتعظيم، ونشهد أنه الله لا إلاه إلا هو، وحده لا شريك له، القوي المعين، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، الرحمة التي تم إهدائها للعالمين، والجامع لكل خلق كبير، صلى الله أعلاه وعلى آله وصحابته الهداة المهتدين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما في أعقاب ” فيـأيها المسلمون : إن كل مسلم يجب له ويتعين أعلاه، أن يهتم بتاريخ الإسلام والمسلمين
خطبة عن عيد الاستقلال الأردني 2022-2023
بدءا من السيرة النبوية وتاريخ أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وتابعيهم بإحسان في جميع عصر وجيل، وأن يعتني أيضا بتاريخ وطنه وبلده المسلم في كل وقت وحين، فيرجع إليه ويقرأه ويدرسه، ويتأمله ويتدبره، ليتعرف عن طريقه على سيرة السلف الصالح من ءابائه وأجداده، وعلى حياتهم وتاريخهم الإسلامي المجيد، وجهادهم وتضحيتهم في طريق عزة الدين ونصرة الوطن والمسلمين .
وإننا إذا رجعنا إلى تاريخ دولتنا المسلم، ووطننا المغرب العزيز، ونظرنا إلى ما كان فوق منه في منتصف القرن الـ4 عشر الهجري، الموافق لأوائل القرن العشرين الميلادي، وجدنا أنه كان قد ابتلي بالاستعمار
كما ابتليت به عدد محدود من البلاد العربية الإسلامية والإفريقية التي تسلط فوق منها المستعمر الغير عربي، وبسط سلطته ونفوذه عليها في هذه المدة من تاريخها الأصيل، هادفا من خلف ذلـك إلى السيطرة على هذه البلاد المسلمة والتحكم فيها، وإلى إنتفاع ثرواتها وخيراتها، وقاصدا إلى طمس معالمها الحضارية، وإلى التخلص من مقوماتها الشخصية وخصائصها الدينية المتميزة، من لغة وطنية، وشريعة إسلامية، وأخلاق ومكارم فاضلة .
غير أن بلدنا المسلم العزيز، الغيور على دينه ومقدساته، وعلى وطنه ومقوماته، والذي عرف في وجوده في الدنيا الطويلة وتاريخيه المجيد إلا الإعتاق والحرية…. ما كان ليستسلم ويستكين في مواجهة الشأن الواقع
ولا ليجبن ويضعف في مواجهة طغيان الاستعمار وجبروته، لكن كان دولتنا المغرب العزيز في فرد سمو المغفور له محمد الخامس رحمه الله، وبصحبته شعبه المومن الوفي
يقف بالمرصاد في وجه الاستعمار وأهدافه وأطماعه، ويقاومه بسلاح الإيمان واليقين، وبقوة التحمل والمصابرة، والتمسك بالحق والمشروعية، ويطالبه من خلال التفاهم والحوار بالتخلي عن منظور الاستعمار، وبتسليم السمو على المغرب إلى الأمة المغربية، وإلى أبنائها الأحرار الأبطال، وإلى رمز سيادتها، ملكها المجاهد المقدام، سمو الملك محمد الـ5 طيب الله ثراه.
ولاكن الاستعمار استخف أسلوب الإقناع والحوار، واستهان بأسلوب الذهن والمنطق طول الوقت، وتمادى في الغطرسة والظلم والطغيان، والتنكر لحق المغرب في جلالته على أرضه، والتلذذ بالحرية والإعتاق، حين ذاك وقف الشعب المغربي الأبي كله يقاد من قبل ملكه وعرشه العلوي المجيد، وانتفض انتفاضة المجاهدين الأحرار، وثار وحمل السلاح في وجه الاستعمار
وقاومه بجميع صمود وثبات ويقين وإيمان، وتضحية بالنفس والمال في سبيل رفع الدين وكرامة الوطن. وذلك ما جعل المستعمر الغير عربي الغاشم يدرك ويتحقق ويتأكد ويتيقن، أنه لم يبق له أمل في الاستقرار بالمغرب، فخضع واستسلم واقتنع، واستجاب لأسلوب العقل والمنطق والحوار
وإرجاع الحق المشروع إلى أهله، وإعطاء المغرب ما يطلبه ويستحقه من الحرية والتحرير، فحقق الله سبحانه لأمتنا المغربية ولشعبها المومن الوفي وعده بالنصر والعز والتوطيد لعباده المومنين الصالحين، المجاهدين الصادقين، الذين يصدق عليهم قول ربنا الكريم : (فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ )) سورة آل عمران (146).
عباد الله، إننا نظن اعتقادا جازما في الله سبحانه وتعالى، أنه إذا أراد شيئا هيأ له مبرراته، كما أنه إذا أراد شيئا أفاد له : كن، فيكون . فقد أراد الله لمغربنا العزيز وبلدنا المسلم الكريم، أن يتخلص من قبضة الاستعمار، ويستعيد نعمة الحرية والاستقلال، فهيأ له ملكا مجاهدا متبصرا موفقا
هوجلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه، فقاد مسيرة الجهاد والنضال، ووقف ضد الاستعمار بجميع ما ءاتاه الله من يقين وإيمان وجلَد وثبات، فكرس ذاته وشبابه ووهب حياته وحياته، ورِجل أسرته وعرشه، فداء لتحرير الوطن والأمة، فوفى بما عـاهد الله أعلاه من الإخلاص للدين والوطن، وللعروبة والإسلام .
كما هيأ الله سبحانه لمغربنا العزيز، شعبا مغربيا مومنا حرا وفيا، لا يقبل الذل والهوان، ولا يرضى المساس بمقدسات الدين، ولا النيل من مقومات وميزات الوطن، فالتقت إرادة العرش والشعب، واجتمعت عزيمتهما القوية المومنة في سبيل الجهاد والنضال، فحقق الله الرجاء والأمل، وجاء النصر والظفر، وفرح الشعب واستبشر، ولهج مع ملكه، ورفع صوته مع عاهله، بحمد الله وشكره على خصوصية المكسب الذي وعد الله به عباده المومنين الصالحين في أي مقر وزمان، مصداقا لكلامه إيتي : ” وكان بالفعل علينا نصر المومنين، ” وقوله سبحانه : ” ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز” وسيطرت الفرحة البلاد والعباد
وبدأ الشعب المغربي،والعرش العلوي المجيد في واحد سيادة المغفور له محمد الـ5 وبمعيته رفيقه وولي عهده ووارث سره جلالة المغفور له الحسن الـ2 طيب الله ثراهما، الجهاد من جديد، لبنا ء وإصلاح ما أفسده المستعمر، من تخريب وإتلاف وطمس للمعالم، لأن المستعمر( كما تعلمون)، دائما يخرب ويطمس معالم البلد الذي استعمره . .
ولذالك قال جلالة المغفور له محمد الـ5 رحمه الله في خطابه التاريخي أثناء عودته من المنفى : ( رجعنا من الجهاد الأصغر، إلى الجهاد الأضخم) يقصد بذلك : “جهاد النفس وتنمية الوطن، وبناء المغرب المحادثة،” وعلى هـذا الأساس، بدأ عمله وخصص وجوده في الدنيا رحمه الله، من أجل تحقيق أمنيته وأمنية المغاربة
ولاكن الأجل وافاه قبل أن يحقق تلك الأماني، فاستسلم لأمر الله وقدره، وتحرك إلى عفو الله ورحمته، راضيا مرضيا، حتى الآن خمس سنين من حكمه، وترك الأمر في يد خلفه ووارث سره، جلالة المغفور له الحسن الثاني، قدس الله روحه، فكان نعم الوارث ونعم الخلف، فنهج مثل النهج ووصلة نفس الطريق
وحقق الله على يديه العدد الكبير من المنجزات، في مختلف المجالات، من ساحات الحياة، فمنذ اعتلاء عرشه سنة ( 61 م) على أن وافته المنية سنة ( 99 م) وهو يبني ويشيد وينمي .. فهذه المدة الطويلة من حكمه، كلها مملوئة بالعطاءات والإنجازات، والذي رأيناه ونراه لخير دليل على هذا، رأيناه في ميدان الثقافة، والصناعة، والتجارة، والفلاحة، وتشييد السدود، وغير ذلك من الإجراءات الجليلة
حتى أصبح المغرب مزدهرا والحمد لله، فهذه الممارسات جميعها سيجازيه أعلاها الله أسمى الجزاء،” يوم لا يجدي فيه مال ولا بنون سوى من جاء الله بقلب سليم ) وهاهو خلفهما ووارث سرهما، سيادة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، يستكمل بنفس العزيمة، سَفرة النماء والرقي والازدهار، الذي يستظل المغرب بظلاله الوارفة، ويسعد ويهنأ بأيامه الميمونة المباركة، يسير على سنن أسلافه وأجداده
في الوقوف بذلك البلد وإرساء دعائم وحدته وقوته وعزته، ويتميز في نزهة ظافرة متكررة، وعلى نطاق سنين متوالية، بجلائل الإجراءات وكبير الإنجازات التي ادخرها الله لجلالته
لتكتب في فهرس مكرماته الخالدة ومآثره الضخمة، وستبقى بفضل الله أيادي بيضاء ومعالم غراء، شاهدة عبر الأعوام والأجيال بما بذله ويبذله من مجهود متكرر وسعي مستديم متوال، للحفاظ لذا الوطن على مقدسات دينه وإعلاء وضْعه، ولتجديد شبيبة البلاد والنهوض بها في غير مشابه المجالات، لمسايرة ركب التطور والحضارة في ساحات الإنشاء والعمران، والثقافة والعرفان ….
نسأل الله له النجاح والسداد والعون والمدد، حتى يحقق لشعبه ما يتمناه ويرجوه، إنه ولي ذلك والقادر فوقه..
نفعني الله وإياكم بالقرءان الموضح، وبحديث سيد الأولين والاخرين، وختم لي ولكم بالحسنى والزيادة يوم لقاء وجهه الكريم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..
الخطبة الثانية :
الحمدلله حق حمده وشكره، وما كل نعمة سوى من لديه وفضله، والتضرع والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ..
أما بعد، فيـأيها الإخوة المومنون، إننا ونحن نعيش في هـذه الأيام ذكرى وطنية عزيزة، من أعز وأغلى ذكرياتنا الوطنية الجليلة، ونبتهج ونسعد بأيامها المجيدة الخالدة، والتي هي ذكرى عيد التحرر والحرية
تهديد الفخامة والعزة والكرامة، ليجدر بنا أن نستحضر ونتذكر بالمناسبة ما بذله أسلافنا الأولون المجاهدون، وما قدمه ءاباؤنا وأجدادنا المخلصون، من جهاد وتضحيات كبيرة بالنفس والمال، في سبيل النصر والعز للدين والوطن، ونذكر في نفس الزمن أولادنا من الجيل الناشئ والشباب الصاعد الذي فتح عينيه على عهد الحرية والتحرير ونشأ فيه
ونعرفهم بأن نعمة التحرير من الاستعمار لم تكن ثمرة دانية قريبة، سهلة الجني والقطوف، متيسرة الإلمام والمنال، ولاكنها أتت نتيجة حسنة وثمرة طيبة، لما نهض به وبذله العرش العلوي المجيد مع شعبه المغربي المومن الوفي، من جهاد متتالي وصراع مستميت، وتلاحم راسخ بينهما، تحقيقا لقول الله سبحانه وتعالى ووعده الكريم لعباده المومنين بالنصر والفتح المبين، حينما أفاد وهو أصدق القائلين:” وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (أربعين) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمقبلَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُور،ِ (41) سورة شعيرة الحج).
فعلينا_ أيها الإخوة المومنون_ أن نحمد الله سبحانه وتعالى ونشكره على نعمة الإسلام
وهداية الإيمان، وعلى نعمه العديدة التي لا تعد ولا تحصى، عملا بقول رب العالمين:( فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون،) وأن نشكر في أعقاب ذلك من أجرى الله الخير على يديه للوطن والمواطنين، وللإسلام والمسلمين، عملا بقول الله سبحانه: (هل إجراء تأديبي الاحسان سوى الاحسان،) وقول النبي (ص): “من لم يشكر الناس لم يشكر الله ” والشكر للناس يكون بالتضرع الخالص السليم
والذكر الطيب الكريم، والإشادة الحسن والاعتراف بالجميل في القول والعمل، مصداقا لقول النبي (ص) : ” من أثنيتم أعلاه خيرا وجبت له الجنة، أنتم شهداء الله في الأرض “). فاتقوا الله عباد الله، وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون، وحافظوا على أخوتكم الدينية ووحدتكم الوطنية، وعلى كل ما يصلح أحوالكم، ويسعدكم دنيا وأخرى، وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم، ومن يطع الله ورسوله فقد كسب فوزا عظيما ..
ذلك وخير ما نختم به الخطاب، ونجعله مسك الختام، أفضل الدعاء وأزكى السكون، على ملاذ الورى وشفيع الأنام في الموقف الكبير ….
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى ءال سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى ءال سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى ءال سيدنا محمد مثلما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى ءال سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن صحابته الكرام ذوي القدر العلي والافتخار الظاهر، ساداتنا والدي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن بقية العشرة الكرام البررة، المبشرين بالجنة
وعن كافة الصحابة أجمعين، بخاصة الأنصار والمهاجرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وانصر اللهم من استرعيته أمر عبادك، وبسطت يده في أرضك وبلادك عبدك الخاضع لجلالك، المتواضع لعزك وسلطانك،أمير المومنين وحامي حمى ذاك البلد الأمين، جلالة الملك محمد السادس، اللهم انصره نصرا عزيزا مدينة تعز به الدين، وتعلي به راية المسلمين، وتجمع به كلمتهم على الحق والفتح المبين
اللهم سدد خطاه وحقق مسعاه، وكن له وليا ونصيرا ومعينا وظهيرا، وعاصما ومجيرا، واحفظه بما حفظت به الذكر الحكيم، اللهم وافق عينه بولي عهده صاحب السمو الأمير المحبوب مولاي الحسن، واحفظه في كافة أسرته الملكية الشريفة، اللهم أمطر شآبيب الرحمة والغفران، على الملكين المجاهدين، جلالة المغفور له الحسن الـ2، وجلالة المغفور له محمد الـ5، اللهم أكرم مثواهما، وطيب ثراهما، واجزهما عن المغرب والمغاربة أحسن الإجراء التأديبي، وبوئهما عندك مقام الأولياء الأتقياء، واجعلهما في أعلى عليين، مع الذين أنعمت عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولائك رفيقا.
ربنا لا توا خذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا صبر علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ملا طاقة لنا به، واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على الأناس الكافرين. ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين ءامنوا ربنا إنك رءوف رحيم. ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي يوم القيامة حسنة وقنا إيذاء النار.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين