ماهو يوم التروية ولماذا سمي بهذا الاسم وماذا نقول في يوم التروية … في اليوم الـ8 من شهر ذي المبرر في الشهور الهجرية بعقيدة المسلمين، يحل يوم التروية الذي يعلن ميعاد تأدية عدد محدود من الأعراف والشعائر الدينية المتعلقة بالحج إلى الكعبة، وذبح أضحية عيد الأضحى.
إلا أن قد يتساءل البعض ما هو تحديداً “يوم التروية”؟ ولماذا سُمي بهذا الاسم؟ وما أبرز الطقوس التي يقوم بأدائها المسلمون في ذلك اليوم؟
ماهو يوم التروية ولماذا سمي بهذا الاسم وماذا نقول في يوم التروية
يأتي اسم يوم التروية في اللغة العربية من لفظة “تروية” ومن كلمة “رَوِيَ”، التي تعني في الفُصحى الشُّرب الكامل والكامل إلى حين ذهاب الظَمأ، وشُّرب المياه حتى الشَّبَع. مثلما تعني أيضاًً استسقاء الماء، والتزوُّد بالماء وتزويد الآخرين به.
أما عن معنى اليوم في الدين الإسلامي، فإن منسك الحج لدى المسلمين لها أيام معينة، ولكل يوم من هذه الأيام اسم محدد يظهر الطقوس والشعائر المرتبطة به.
ففي اليوم الثامن من ذي المبرر يحلُّ يوم التروية، وفيه يذهب الحجاج إلى منطقة منى للمبيت بها تحسباً لليوم الآتي وما فيه من طقوس مرهقة؛ إذ يُسمى اليوم الـ9 بيوم عرفة، وهذا لوقوف الحجيج فيه على منطقة جبلية عرفة للدعاء والتضرُّع والابتهال.
سبب التسمية الأول
وبخصوص مبرر التسمية يقول العلماء إن الأرجح وجود سببين..
أولهما أن اليوم يحمل هذا الاسم؛ لأن الحجاج كانوا يتروون فيه بالماء ويستريحون تحسباً لما بعده من أيام.
وقال العلامة البابرتي في كتاب “العناية فسر الهداية” للفقه على المذهب الحنفي: “وَقِيلَ: إنَّمَا سُمِّيَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَرْوُونَ بِالْمَاءِ مِنْ الْعَطَشِ فِي هَذَا الْيَوْمِ يَحْمِلُونَ الْمَاءَ بِالرَّوَايَا إلَى عَرَفَاتٍ وَمِنًى”.
يقول ماهر ومتمرس خدمات فريضة الحج والعمرة أحمد صالح حلبي، لـ”العربية.نت” بشأن هذا الأمر، إن “الحجاج كانوا قديماً في يوم ما التروية، يخرجون بالماء إلى مشعر منى، إذ كان الماء معدوماً في هذه الأيام، ليكفيهم حتى اليوم الأخير من أيام شعيرة الحج، لقلة الماء طوال الأزمنة الفائتة، كانت القرب هي صهريج المياه التي يحملها الجمالة على جمالهم خلال رحلة فريضة الحج”.
وبيّن أن “سكان مكة كانوا يفرحون بذلك اليوم، باعتباره واحد من أيام فريضة الحج، ويكرمون الحجاج فيه عبر سقايتهم”.
واستكمل: “كان هنالك من يحط ماء الكادي أو ماء الورد على المياه ليقدمها للحجاج طوال دخولهم لمخيمات حجاج منزل الله الحرام، لقضاء يوم التروية والتوجه إلى مشعر عرفات بعد دعاء فجر يوم الـ9 من ذي الحجة”.
سبب التسمية الثاني
ويُعتقد أن السبب الآخر لتسمية اليوم بهذا هو نتيجة تروِّي وتمهُّل النبي إبراهيم في ذبح نجله إسماعيل، استناداً لما في الشريعة الإسلامية.
ولقد صرح الإمام العيني في كتاب “البناية وضح الهداية” للفقه الإسلامي على المذهب الحنفي أيضا: “إنما سمي يوم التروية بذلك؛ لأن إبراهيم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى ليلة الـ8 من ذي الحجة كأن قائلاً يقول له: إن الله سبحانه وتعالى يأمرك بذبح ابنك، فلما أمسى تروَّىَ”؛ أي: تفكَّر وتمهل بينما إذا كانت تلك الرسالة هي كلف أتى من الله أم من الشيطان”.
وبذلك سُمي بيوم التروِّي أو يوم التروية.
شعائر المسلمين في يوم التروية
في ذاك اليوم ينطلق الحجاج إلى مساحة مِنى شرق مكة، على الطريق بين مكة ومنطقة جبلية يوم عرفة، ويمنع المتمتع بالحج. بينما يظل المفرد والقارن فيه على إحرامهما.
ويبيت الوافدون بمنى اتباعاً للسنة النبوية عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، مثلما يصلون فيها خمس مطالبات: الظهر والعصر والمغرب والعشاء وفجر يوم عرفة.
وتقع منطقة منى على حتى الآن 7 كيلومترات شمال في شرق الكعبة، بين مكة ومشعر مزدلفة، وهو مشعر داخل حدود الحرم ووادٍ تحيط به الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية.
فضل كبير لليوم وأهمية دينية للمسلمين
ويُعد يوم التروية من أعظم أيام السنة لدى المسلمين، وذلك لأنه في الأيام العشرة الأوائل من شهر ذي المبرر، التي يظن المسلمون فيها أن الله تعالى أهداها لهم؛ لكي يتزودوا فيها من تصرف الخير والعبادة، وفيها تُضاعف الإجراءات الصالحات، وتُعتق الرقاب فيها من النار.
وفي حوار عن النبي محمد عليه الصلاة والسلام، بخصوص خصوصية الجهد في العشر الأوائل من ذي التبرير، يقول: “ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذِه؟ قالوا: ولَا الجِهَادُ؟ قَالَ: ولَا الجِهَادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بشيءٍ”.