ديون الجزائر الخارجية 2022 … عبر الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، عن رفض بلاده اللجوء إلى الدين الخارجي، حيث أفاد في خطاب ألقاه، أول أمس الثلاثاء، من مقر وزارة الدفاع الوطني إن “الاستدانة الخارجية ترهن سيادتنا وحرية قراراتنا وحريتنا في الحماية عن القضايا العادلة في الدنيا”.

وليست تلك أول مرة التي يعبر فيها الرئيس الجزائري عن حالة رافض للاقتراض من الخارج، إذ أكد ذلك في مناسبات متعددة، من ضمنها لقاؤه مع وسائل إعلام محلية، في أكتوبر السابق، حين قال “لن نذهب للاستدانة وهي من المستحيلات. ولن نأخذ البلاد للانتحار السياسي”.

ديون الجزائر الخارجية 2022

فهل تتمكن الجزائر من فاز رهان الاستغناء عن الدين الخارجي، خاصة في وجود الأحوال الجارية التي تشهد استمرار تداعيات الآفة وفي ظل التقلبات التي تسجلها أسعار البترول؟

“مسعى قاسية”

تعقيبا على الموضوع، وضح ماهر ومتمرس الإحصاء، نبيل جمعة، أن “جمهورية الجزائر مرت بتجربة قاسية طوال التسعينيات”، ملفتا النظر إلى أن “موافقتها بالاستدانة من صندوق النقد الدولي جعلها تنفق 15 مليار دولار مرة واحدة فى السنة على خدمات الديون التي بلغت في وقتها 35 مليار دولار” .

وتابع جمعة قريبة العهد لـ”أصوات مغاربية” مبرزا أن دولة الجزائر “أنفقت زيادة عن 150 مليار دولار، كخدمات ديون للمؤسسات النقدية الدولية منذ عام 1994 وإلى غاية طليعة الألفية القريبة العهد، مثلما أدت الاستدانة إلى حل مئات المؤسسات العمومية، وتسريح آلاف العمال وبيعها بالدينار الرمزي”.

كما نوه حتّى “دولة الجزائر ظلت لسنوات تدفع لمكاتب الدراسات المقربة من المؤسسات المادية الدولية صوب 13 مليار دولار مرة كل عام بدل خدمات استشارية إلى غرض إنقاص هذه التكاليف بنحو 7 ملايير مرة واحدة فى السنة حتى الآن مرسوم حكومة عبد المجيد تبون الاعتماد على الكفاءات المحلية”.

“شواهد جيدة ومحفزة”

وجوابا على السؤال بخصوص نطاق تمكُّن جمهورية الجزائر على ربح رهان التنازل عن الاقتراض من الخارج، أبرز جمعة ما يصفها بـ”المؤشرات الجيدة والمحفزة” بهذا الخصوص، من بينها “التوفر على 44 مليار دولار من احتياطي الاستبدال بالعملة الصعبة إلى قصد نهاية سنة 2021، في الزمن الذي ذهبت توقعات البنك الدولي إلى نفادها في السنة السابقة ولجوء الجزائر إلى الاستدانة وهو الذي لم ينشأ”.

مثلما أشار المتحدث إلى مؤشر آخر يرتبط بأثمان البترول التي أفاد إنها “زادت طوال سنة 2021 بنسبة 87 في المائة، ما أسفر عن تحري مداخيل إجمالية وظيفة”، لافتا في السياق نفسه على أن “ثمن الغاز ارتفع 6 مرات في 2021، إذ بلغ إلى 1.2 دولار للمتر مكعب”.

من ناحية أخرى يشاهد جمعة أن “الحكومة قد تلجأ إلى تقليل فاتورة الجلب مرة ثانية بعدما وصلت باتجاه 32 مليار دولار سنة 2021، وهو “رقم كبير لأن فاتورة الغذاء برمتها لا تتجاوز 6 مليار دولار” يضيف المتحدث الذي يشير إلى أن “قليل من الشركات العمومية ما زالت تستورد موادا مصنعة محليا”.

مع ذاك، استحضر المتحدث مؤشرا آخر متمثل في “فائض الميزان التجاري الذي وصل نحو 1.04 مليار دولار سنة 2021، وهذا للمرة الأولى، ما يعني أن تكلفة الصادرات فاقت قيمة الواردات”.

من ناحية أخرى نصح جمعة السُّلطة من “عدم المراجعة في القوانين التي تعرقل انفتاح الاقتصاد الجزائري، كقانون النقد والقرض الذي يعطل حق المستثمرين في الاستحواذ على مداخيلهم من الورقة النقدية الشاقة”.

مثلما حذر من “عدم الإسراع في وضع التشريعات التي تسمح باستعادة مبلغ مالي السوق الموازية البالغة تسعين مليار دولار”، مبرزا أن القدرة على “تخطى الاستدانة تختص كذلك بالرفع من نسبة الصناعة إلى 15 في المائة بدل ٥ %”.

“تحذيرات”

من جانبه، يرى الخبير الدولي في شؤون الطاقة والاقتصاد، عبد الرحمان مبتول، أن “تقلبات أسعار البترول التي تتحكم فيها أسباب خارجية من شأنها أن تدفع صوب الاستدانة إن لم تأخذ إدارة الدولة في الحسبان ضرورة الجهد على وافرة معدلات”.

وتابع مبتول كلامه لـ”أصوات مغاربية” مبرزا أن “مبالغة كشف حساب أسعار التغذية التي بلغت 127 نقطة في مكان البيع والشراء الدولية طوال شهر مايو 2021، بإعزاز قدرها صوب أربعين بالمائة مضاهاة بنفس المرحلة من عام 2020، وفق ممنهجة الأطعمة العالمية الفاو، قد أسفر عن تضخم فاتورة الأكل”.

ونصح المتحدث ذاته من “تزايد كشف حساب الخامات المستعملة في إنتاج النفط، والتي تستوردها الجزائر بالورقة النقدية العسيرة” وهو ما “يترك تأثيره على تكلفة الإنتاج التي تحد من ثمن العائدات”.

“اختبار الاستدانة”

من ناحية أخرى، شدد مبتول على أن “الإنعاش الاستثماري في جمهورية الجزائر صار ضروريا خلال سنة 2022، لتخطي اختبار الاستدانة، وهذا بواسطة التشغيل المنتج، والاستثمار”.

كما يرى المتحدث أن “دولة الجزائر مطالبة بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي يلزم أن توفق بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية”.

إضافة إلى ذلك ذلك، نبه المتحدث على أن تقصي “رهان تنقيح هيئة جميع القطاعات، المنتجة والخدماتية، بنسبة عشرة %، واسترجاع 10 في المائة من الثروات في مقاتلة الفساد” من حاله أن يكون السبب في “توفير بحوالي 210 مليار دولار من العملات الأجنبية”.