انقلاب 1969 معمر القذافي .. سقط الملك الليبي إدريس بانقلابٍ غير دمويٍّ، نهض به مجموعةً من الضباط العسكريين واستولوا على السلطة وأعلنوا أن البلاد صرت ذات نظامٍ جكهوريٍّ، سوى إن الملك، المتواجد في تركيا، وصف الانقلاب بأنه “غير هامٍ”.

انقلاب 1969 معمر القذافي

ووفقًا لتقارير من العاصمة طرابلس، تجمعت القوات والدبابات في المدينة أثناء الساعات الأولى من الصباح، وفي غضون ساعتين تقريبًا، كان القصر الملكي والقيادة العسكرية والتطلع محاصرين، وتم قطع جميع الاتصالات مع العالم الخارجي وفريضة حظر التجول.

أصدر مجلس زعامة الثورة الذي تولى منفعة البلاد تصريحاً يعلن أن مقصد الثورة هو “الوحدة والحرية والاشتراكية”، ومع هذا، فقد نصح أيضًا من أن أي مسعىٍ للإطاحة بالثوريين.

في ليبيا، أعرب ولي العهد، صاحب السمو الأمير حسن، دعمه للنظام الجديد. كانت أخبار الانقلاب بكون مفاجأة للحكومة البريطانية، إلا أن المسؤولين صرحوا إنها لن تضر بعلاقات بريطانيا الطيبة مع ليبيا، مثلما أفصحت جمهورية مصر العربية والعراق اعترافهما بالنظام الجديد.

تفاصيل انقلاب القذافي وما في أعقاب الانقلاب

في عام 1969، قاد معمر القذافي، زعيم الجيش الليبي البالغ من السن 27 عامًا، انقلابًا عسكريًا ناجحًا مقابل الملك إدريس الأكبر ملك ليبيا، وتم عزل إدريس وتعيين القذافي رئيسًا لمجلس إدارة الحكم الجديد في ليبيا، مجلس قيادة الثورة.

وُلد القذافي في خيمةٍ من خيم الصحراء الليبيّة في عام 1942، وهو ابن مزارع بدوي، مثلما كان طالبًا موهوبًا، وتخرّج من الأكاديمية العسكرية الليبية في بنغازي في سنة 1965. خطط مع مجموعةٍ من زملائه الضباط للإطاحة بالملك إدريس، الذي كان يُنظر إليه على أنه محافظٌ بشكل كبير وغير مبالٍ للحركة من أجل وحدةٍ سياسيةٍ أضخم بين الدول العربية. وبحلول الزمن الذي وصل فيه القذافي إلى منزلة نقيبٍ، في عام 1969، كان الثوار على استعدادٍ للإضراب، افانتظروا حتى خروج الملك إدريس خارج البلاد، حيث كان يتعالج في المشافي التركية، ثم تمت الإطاحة بحكومته عبر انقلابٍ غير دمويٍّ، وأُسقطت المال. سافر إدريس من تركيا إلى اليونان قبل أن يلجئ إلى مصر، حيث مات هناك في القاهرة عاصمة مصر عام 1983.

بخلط العقيدة الإسلامية والاشتراكية الثورية والقومية العربية، أسّس القذافي دكتاتورية معادية للغرب بقوةٍ في ليبيا. وفي عام 1970، أزال النُّظُم العسكرية الأمريكية والبريطانية وطرد الليبيين الإيطاليين واليهود. وفي عام 1973، ساد على حقول النفط المملوكة للأجانب، مثلما أعاد القوانين الإسلامية التقليدية، مثل تحريم المشروبات الكحولية والقمار، لكنه حرر النساء وأطلق برامج اجتماعية حسّنت مستوى المعيشة في ليبيا. وكجزءٍ من طموحه المعلن لتوحيد الوطن العربي، سعى إلى توثيق الروابط مع جيرانه العرب، وخصوصاً مصر.

خلال الثمانينيات، ألقى الغرب باللوم فوقه في الكثير من الهجمات الإرهابية في أوروبا، وفي نيسان 1986 أغارت الطائرات الحربية الأمريكية طرابلس على طريق الانتقام من تفجير حجرة الرقص في جمهورية ألمانيا الاتحادية الغربية، ذُكر أن القذافي أُصيب وقتلت ابنته الرضيعة في الهجوم الأمريكي.

في أواخر التسعينيات من القرن الفائت، سعى القذافي لإخراج ليبيا من عزلتها الدولية الطويلة عن طريق تسليم اثنين من المشتبه بهم المطلوبين في تفجر طائرة موكب فوق لوكربي باسكتلندا عام 1988. ردًّا على ذاك، رفعت الأمم المتحدة العقوبات ضد ليبيا، وألغت الولايات المتحدة التجريم الذي فرضته في سبتمبر 2004، مثلما سعى القذافي أيضًا إلى مورد رزق علاقاتٍ أشد مع دولٍ إفريقيةٍ غير إسلاميةٍ مثل جنوب إفريقيا، حيث أعاد إنشاء ذاته كرجل دولةٍ أفريقيٍّ.

في شباط 2011، ومع انتشار القلاقِل في أغلب أنحاء العالم العربي، أثارت الاحتجاجات السياسية العارمة في مواجهة نظام القذافي حربًا أهليةً بين الثوريين والموالين. وفي آذار، بدأ تحالفٌ دوليٌّ ببدء وإطلاق قصف جويٍ جويةٍ على معاقل القذافي أسفل حفظ القرار الذي أصدره مجلس الأمن الموالي للأمم المتحدة. وفي عشرين تشرين الأول، أعلنت السُّلطة الليبية المؤقتة أن القذافي وافته المنية عقب أسره بالقرب من مسقط رأسه في سرت.

 

القذافي و السلطة

كان أول وجّه يقوم بأداؤه القذافي هو إغلاق النُّظُم العسكرية الأمريكية والإنجليزية في ليبيا، مثلما طالب شركات البترول الأجنبية في ليبيا بحصة أكبر من العوائد لليبيا. وقد استبدل القذافي التصحيح الغريغوري بالتقويم الإسلامي، ونهى عن بيع الكحول.

بعد تعرضه للتهديد من محاولة انقلابٍ فاشلةٍ قام بها زملائه الضباط في ديسمبر 1969، وحط القذافي قوانين تجرم قوى المعارضة السياسية. وفي عام 1970، نهض بطرد الإيطاليين الباقين في ليبيا وأكد على ما اعتبره المعركة بين القومية العربية والإمبريالية الغربية مثلما عارض بصوتٍ باهظٍ الصهيونية وإسرائيل، وطرد الجالية اليهودية من ليبيا.

صارت دائرة القذافي الداخلية من الأفراد المعتمد بهم أقل وأقل، إذ كان يتقاسم السلطة مع مجموعةٍ ضئيلةٍ من الزملاء، وسافر عملاء الإستخبارات حول العالم لترهيب واغتيال الليبيين الذين يعيشون في المنفى.

في هذه الأيام الأولى، حاول القذافي إلى توجيه ليبيا بعيدًا عن الغرب ونحو الشرق الأوسط وأفريقيا، فشارك الجيش الليبي في الكمية الوفيرة من النزاعات الأجنبية، بما في ذلك في جمهورية مصر العربية والسودان والحرب الأهلية الدامية في تشاد.

في منتصف سبعينيات القرن السابق، عرَض القذافي المجلد الأول من الكتاب الأخضر، وهو شرحٌ لفلسفته السياسية، يصف الشغل المكون من ثلاثة مجلدات مشاكل الديمقراطية الليبرالية والرأسمالية، ويعزز سياسات القذافي كعلاج. ادعى القذافي أن ليبيا تباهت باللجان الشعبية والملكية المشتركة، إلا أن في العالم الحقيقي كان ذلك بعيدًا عن الواقع، ولقد كان القذافي قد عين ذاته أو ذوي قرابة وأصدقاء على مقربة منه في مختلف مناصب السلطة، وكانت حملاتهم على أي فئةٍ من التنظيم المدني تعني أن العديد من القاطنين يعيشون في فقر، في هذه الأثناء، كان القذافي والمقربون منه يجمعون ثرواتهم من عائدات البترول بينما قتل النسق أولئك الذين اعتبرهم منشقين.

الحال السياسي لليبيا القذافي

بمقابلًا من المثابرة في عقائد القومية العربية، قادته شخصيته الفطرية إلى سبيلٍ مودرنٍ، ففي أوائل سبعينيات القرن العشرين، شرع في إثبات ذاته كفيلسوفٍ سياسيٍّ بارز، ووقف على قدميه بتطوير ما يطلق عليه النظرية الدولية الثالثة، مثلما هو موضحٌ في كتابه الأخضر المشهور. ومن أشهر أقواله:

ليبيا بلدٌ إفريقيٌّ، الله يساعد العرب ويبعدهم عنا، لا نود أي شيءٍ معهم
التلفاز الليبي- آذار / آذار 2007.

أنا قائد عالمي، عميد الحكام العرب، ملك ملوك إفريقيا وإمام المسلمين، ولا يسمح لي وضعي الدولي بالنزول إلى مستوى أسفل قمة الجامعة العربية، مارس 2009.

تدعي النظرية العالمية الثالثة أنها تحل التناقضات المتأصلة في الرأسمالية والشيوعية (النظريات الأولى والثانية)، من أجل وضع العالم على سبيل الثورة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وإطلاق الأمم المضطهدة في جميع مكانٍ. في العالم الحقيقي، إنها ليست زيادة عن بحت سلسلةٍ من المفارقات.

كانت نتيجة نظرية القذافي، التي تم التأكيد فوق منها بالتعصب المطلق للأصوات ضد المقاومة أو البديلة هي تفريغ المجتمع الليبي، مع القضاء على جميع قمامة الدستورية والمجتمع المدني والمشاركة السياسية العريقة. ويؤكد الكتاب الأخضر أن حل مشاكل المجتمع ليس التمثيل الانتخابي أو أي نظامٍ سياسيٍّ آخر حاليٍ، وإنما إستحداث لجانٍ شهيرةٍ لإدارة جميع جوانب الوجود. تم تقديم ذاك النسق الجديد على نحوٍ تخطيطيٍّ في الكتاب الأخضر باعتباره عجلة سيارةٍ أنيقةٍ، مع الاجتماعات الشعبية اللازمة بخصوص لجان الشعب التي ترسل التقارير إلى الأمانة العامة للشعب.