أسباب ثورة 23 يوليو 1952 أحوال مصر قبل ثورة 23 يوليو .. ثورة تموز التي اندلعت شرارتها الأولى في سنة 1952م، لها العديد من المساوئ على حسب ما يذكره المؤرخون، وما يرويه عنها المفكرون ممن عاصروها، وغير ممكن الموافقة بصحة تلك الأقاويل في المُطلق، وأيضا غير ممكن القول بأن كلها باطلة، إنما الإنصاف يقول إن ثورة تموز ككافة الوقائع التاريخية
أسباب ثورة 23 يوليو 1952 أحوال مصر قبل ثورة 23 يوليو
لها نتائج سلبية وفي الدهر نفسه كان لها آثار موجبة، ولذا على وجه التحديدً ما سوف يتم تناوله عن طريق السطور اللاحقة، لننظر إلى الوجه المشرقة لـ ثورة تموز المصرية.
ثورة تموز .. لماذا نهضت ؟ و لماذا هي مأمورية
نختلف مع سياسات مديرين ثورة تموز فهذا وارد، لكننا لا من الممكن أن نختلف على المبادئ التي نهضت من أجلها، وغير ممكن إنكار إنها نقطة فاصلة في الزمان الماضي المصري الحوار.. والسؤال هنا هو: لماذا وقفت على قدميها ثورة 23 تموز 1952م وما الانجازات التي حققتها
أولاً : لماذا وقفت على قدميها ثورة تموز في مصر
ما من حدث غير مسبوق سوى وله عوامل، مهدت له وقادت إليه، وجعلت من حدوثه كلف حتمي وحل أخير.. ومن ثم كان الشأن مع ثورة تموز،فبقدر ما كان ذاك الحدث سبباً في حين أعقبه من نتائج، كان نتيجة لأحداث أخرى سبقته.. فما هي هذه الوقائع والأسباب التي أدت لاندلاع ثورة تموز 1952م.
1- الطبقية :
من أكثر العوامل التي دعت إلى قيام ثورة تموز في مصر، أو بمعنى أدق دفعت المواطنين المصريين للالتفاف بشأن الضباط الأحرار، هو الهيكل المنهجي للمجتمع المصري خلال فترة حكم الملك فاروق، ومن قبله الملك فؤاد الأكبر وسلسال محمد علي باشا على العموم، إذ تم تجزئة المجتمع المصري تقسيماً هرمياً طبقياً، الطبقات العليا به تستعبد الطبقات الدنيا، ولذا التعبير ليس مجازياً، إلا أن هو محض توصيف لواقع جمهورية مصر العربية في حضور المال، إذ كانت الأسرة المالكة والمقربين منها من البشوات والأجانب، يحظون بكافة المَزايا، في الوقت الذي كان أهل مصر ينظر إليه نظرة دونية، وقد كان يُشار إليه دوماً بلفظة “يا فلاح” بغرض التحقير والإقلال منه قدره.
2- عدم تواجد العدالة الاجتماعية
العدالة الاجتماعية هي وجّه لا يجيء بأي حال من الأحوالً مع النسق الطبقي، فالنظام الذي يميز بين مواطنيه استناداً لكم نقودهم، هو نسق لا يدري العدالة من قريب أو من بعيد، وبذلك كان عدم تواجد العدالة الاجتماعية سبباً أجدد لقيام ثورة تموز،ولقد كانت جمهورية مصر العربية في ذاك الدهر إحدى أغنى دول الأرض، حتى إنها كانت تمنح قروضاً وإعانات لبعض دول قارة أوروبا، إلا أن هذه الأموال لم تكن توزع توزيعاً عادلاً، ولقد كان تستأثر الطبقة الحاكمة بها لنفسها، فيما أصحاب الوطن الحقيقيون يلقى إليهم بالفتات، أدرك يكدحون ويعملون ويبذلون قصارى الشغل، وفي الخاتمة يحصد الإقطاعيون ثمار جهدهم ذاك، فمثلت ثورة تموز فيما يتعلق لهم طاقة الضياء، التي انبثقت في قلب حياتهم المعتمة فالتفوا حولها.
3- تجاهل الأغلبية
قيام ثورة تموز وإزاحة أسرة محمد علي باشا عن العرش، لم يكن وليد الصدفة أو اللحظة التي وقفت على قدميها بها، إلا أن سبقته موجات كبيرة جدا من الاحتجاجات والتهديدات، فكافة الشواهد كانت تبرهن أن إن الكيل قد طفح، وإن المواطنين المصريين لم يحتسب بإمكانه صبر المزيد، إلا أن الملك وقبله حاشية السوء المحيطة به، لم يستمعوا إلى أصوات الأغلبية،
4- حريق القاهرة عاصمة مصر
إذا قمنا بفعل مراقبة للكوارث والصعاب التي ألمت في مصر في عصرها الحوار، فلعلنا لن نجد ما هو أبشع من حريق القاهرة عاصمة مصر في 1952م، فتلك البلدة المزدهرة التي كانت تضاهي في روعتها العواصم الأوروبية، صرت أثناء قليل من ساعات هشيماً ورماداً، فأكثر من سبعمائة متجر تجاري التهمتهم النيران حتى آخرهم، بالقرب من دور العرض السينمائي والمسارح والأندية ومكاتب المؤسسات، والعجيب في الشأن إن حتى يومنا لم يُعرف الفاعل، بل الموضوع المؤكد إن الحريق كان إيراد التشاحن السياسي، وكالعادة في عصر الثروة والاحتلال، كان الشعب طول الوقتً هو من يسدد كشوف حساب الصراعات السياسية الطاحنة، وما إذا كان لجلالة الملك فاروق يداً في هذه المصيبة أو لا، فالمؤكد إنها كانت مسماراً في نعش مُلكه، وقشة قسمت وضح التحمل، ومهدت لقيام ثورة تموز على الإطار الوالي ممثل في الملك وحاشيته والحكومة.
5- هزيمة 48 وإضعاف القوات المسلحة
من ضمن مختلَف العوامل التي قادت إلى قيام ثورة تموز،هذا هو العلة الابرز ومباشرة، فهزيمة موقعة فلسطين والتي تعرف كذلكً باسم مصيبة 48، كانت لطمة ذات بأس على وجه الإطار الملكي المصري، أعلنت نطاق فساده وعدم صلاحيته لإدارة البلادة، وبمجرد رجوع القوات المسلحة المصرية من الأراضي الفلسطينية، وقف على قدميه بهاء عبد الناصر ومرافقيه بتأسيس ترتيب الضباط الأحرار، وفي يومياً كان يستدرج هذا التأسيس الزيادة من شخصيات القوات المسلحة، وبدأت أخباره تمر أسوار المعسكرات المختصة بالجيش، فطغت شعبيته وسط عوام الناس على الرغم من جهلهم بأفراده، الموضوع الذي عطاء أشخاص التنظيم ظهير شعبي صلب
أيدهم وشجعهم على القيام بـ ثورة تموز فيما بعد.. هنالك من يشكك في إن هزيمة 48 كانت جراء الأسلحة الفاسدة، ويقولون بإن هذا الموضوع مجرد أكاذيب وإفتراء، بل في التتمة سواء صحت وجّه هذه الأسلحة من عدمه، فإن الهزيمة أتت جراء إضعاف منظومة الملك فاروق للقوات المسلحة المصرية، والذي تجسد في قلص أعداد الشخصيات التي تتشكل منه، وإضافة إلى غلقه للمدرستين الحربية والبحرية، وإرسال أكثرية كتائب الجيش المصري إلى دولة جمهورية السودان بذريعة الدفاع والمقاومة لثورة المهدي، ولذا كله بالتأكيد كان بإيعاز من جيش الاحتلال الإنجليزي، لضمان استقرار أوضاعهم على الأراضي المصرية.
6- فشل مفاوضات الجلاء
الاحتمالية الأخيرة لنظام الملك الفاروق للاستمرار في الحكم، كانت أن يقدر على من اتخاذ خطوة جدية على سبيل التحرر، بل التباطؤ والتواطؤ أفشلا هذه التجارب البائسة، فكانت معظم الأنشطة التي تبذل من أجل تقصي تلك الغرض جهوداً شهيرة، تتمثل في التنظيمات الفدائية التي تمارس الصراع المُسلح في مواجهة المستعمر، أو في تهييج القضية في المحافل العالمية والمطالبة بحق جمهورية مصر العربية بالاستقلال
أما إدارة الدولة والملك فكانت محاولاتهما فحسب لحفظ ماء الوجه، وحين عُرضت مسألة جلاء الإنجليز على الأم المتحدة، ولم تأت نتيجة المناقشات والمفاوضات في خيّر جمهورية مصر العربية، أعلن هذا دومين خضوع السرايا والملك للاحتلال الانجليزي، المسألة الذي مَهَد لقيام ثورة تموز وسط احتفاء المواطنين المصريين، الذي كان يطمح للاستحواذ على حريته واسترجاع كرامته.